الديوان » لبنان » نجيب سليمان الحداد » يا بني الشرق اين ذاك الضياء

عدد الابيات : 38

طباعة

يا بني الشرقِ أينَ ذاكَ الضياءُ

أينَ تلكَ النفوسُ والآلاءُ

أينَ ذاكَ المقامُ تحسِدُهُ الشمـ

ـسُ بهاءً وأينَ ذاكَ العلاءُ

أينَ مَن طاولوا النجومَ فودّتْ

شرفاً أنَّها لهمْ حصباءُ

أينَ أرضٌ قدْ خصّها اللَهُ بالـ

ـوحيِ وجاءتْ منْ قومِها الأنبياءُ

قدْ عهدْنا في الشرقِ مطلعَ أنوا

رٍ فما بالُهُ عراهُ المساءُ

أيّ شيءٍ جرى على الكونِ حتى

انقلبتْ عن نظامِها الأشياءُ

فرأيتا غربَ البلادِ منيراً

وغدَوْنا وشرقُنا الظلماءُ

لستُ أعني بالنورِ شمسَ سماءِ

بلْ شموساً ما أطلعتها سماءُ

أبرزتها أيدي الرجالِ بآفا

قِ ذكاءٍِ تغارُ منهُ ذكاءُ

هي شمسُ العلى تمثّلُها الشمسُ

كما مثلَ النجومِ الماءُ

كتبَتْ أحرفَ المساواةِ فيها

فَتَلَتْها حريةٌ وإخاءُ

كلمٌ كلّها محبةُ أوطانٍ

ورأسُ الإيمانِ ذاكَ الولاءُ

عظّمتهُ ممالكُ الغربِ حتى

بلغتْ منهُ في العلى ما تشاءُ

فأراقتْ دماءَها وبنَتْهُ

بجسومٍ لها ونِعْمَ البناءُ

واطرحناهُ نحنُ في الشرقِ حتى

صدَّ عنّا وطالَ منهُ الجفاءُ

لا لعمري بلْ طالَ منّا جفاءٌ

عنهُ واستحكمتْ بنا الأهواءُ

منْ تخلّى عن حبِّهِ لمْ يكنْ

لحُبٍّ ذنبٌ، فالحبُّ منهُ براءُ

ليس حبُّ الأوطانِ في لبسِ خزٍّ

واختيالٍ تغارُ منهُ النساءُ

واقتداءٍ بأهلِهِ كيفَ جاؤوا

في الذي لا يُفيدُ فيهِ اقتداءُ

وانصرافٍ عنْ كلِّ علمٍ وتفريقٍ

قلوبٍ بها يقومُ النماءُ

وانشغالٍ عن البلادِ بأهواءِ

نفوسٍ قدْ صدَّ عنها الحياءُ

واطّراحِ الملا أولي الفضلِ ميلاً

لغوانٍ تميلُها الصهباءُ

واتّخاذِ المناصبِ الغُرِّ أسبابَ

عداءٍ يُرمى بها الأبرياءُ

إنَّ حبَّ الأوطانِ عدلٌ وحلمٌ

وثباتٌ وعزّةٌ ووفاءُ

واصطبارٌ على الزمانِ وتأليفٌ

قلوبٍ وغيرةٌ وإباءُ

وجهادٌ في كلِّ فضلٍ وحريةٍ

قولٌ وأنفُسٌ شمّاءُ

وقلوبٌ لا تنثني في الذي تبغي

ولو حالَ في نارٍ وماءُ

وأكفٌّ تعاقدتْ تكتبُ المجـ

ـدَ لو أنَّ الحروفَ فيهِ دماءُ

ذاكَ حبُّ الأوطانِ يا أيّها النا

سُ، وهذي صفاتُهُ الغرّاءُ

كمْ تنادي يا قومَنا ثم لا نسمـ

ـعُ غيرَ الصدى، وكمْ ذا النداءُ

أَوَ لسنا القومَ الأولى ملكوا المد

نَ ودانتْ لديهمُ الغبراءُ

والأُلى سطّروا المعارفَ واستجـ

لَوا خفايا الورى فزالَ الخفاءُ

ليسَ نيلُ العلى بصعبٍ إذا ثا

رتْ إليهِ حميةٌ قعساءُ

نحنُ أبناءُها، ومَن نصرَ الآ

باءَ تُنصرْ بفضلِهِ الأبناءُ

كلُّنا واحدٌ، لنا وطنٌ فر

دٌ وإنْ عُدِّدَتْ بنا الأسماءُ

إنّما نحنُ هيكلٌ واختلافُ

الاسمِ وهمٌ، فكلُّنا أعضاءُ

وسبيلُ العلى قريبٌ، هو الألـ

ـفةُ، فيها المُنى، وفيها الرجاءُ

وعلى اللهِ نجحُنا في ختامٍ

إنْ ثبتنا وصحَّ منّا ابتداءُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن نجيب سليمان الحداد

avatar

نجيب سليمان الحداد

لبنان

poet-Najeeb-al-Haddad@

36

قصيدة

12

الاقتباسات

1

متابعين

نجيب سليمان الحداد (1867 - 1899م / 1284 - 1317 هـ) صحفي وأديب وشاعر ومترجم وقاضٍ، وُلد في بيروت وتوفي في مدينة الإسكندرية بعد حياة قصيرة حافلة بالعطاء الأدبي والثقافي. عاش ...

المزيد عن نجيب سليمان الحداد

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة