الديوان » العصر المملوكي » ابن الأبار البلنسي » بيني ثلاثا سلوة الأيام

عدد الابيات : 58

طباعة

بِيني ثَلاثاً سَلْوَةَ الأَيَّامِ

أوْدَى الحِمامُ بِنَاصِرِ الإسْلامِ

وَدَعا دِعَامَتَهُ إِلى تَعْوِيضِها

تَأْسِيسُهُ بالتُّرْبِ دَارَ مُقَامِ

ودَهى الوَرَى مِنْ ثُكْلِ هَادِيهِم بِما

أعْيَا عَلَى الأفْهامِ والأَوْهامِ

هَذِي الشُّجونُ الجُونُ قَدْ أخَذَتْ عَلى

وَفْدِ العَزَاءِ مَطَالِع الإلْمَامِ

وَتَفَاضَتِ الأجْفَانَ حُمْرُ دُموعِها

فَمِنَ القُلوبِ عَلى الخُدودِ دَوامِ

مَا رَاعَهُم إلا نَعِيّ وُجودِهِ

فِي حَيْثُ لا أَمْنٌ منَ الأعْدامِ

فَلَوِ الْتَفَتَّ لَقُلْتَ شُرْبُ مُدَامِ

ولَوِ اسْتَمَعْتَ لَقُلْتَ سِرْبُ حَمَامِ

أَنْوَارُهُ هامُوا لَها فَذَكَرْتُ مَا

نَسِيَتْ نَوَارٌ مِن هَوىً وهُيَامِ

تَاللَّهِ لَوْ قَتَلُوا عَلَيهِ نُفُوسَهُمْ

أسَفاً لَمَا وَفَّوْا قَضاءَ ذِمامِ

خَطْبُ الخُطُوبِ أباحَ مُحْتَكِماً حِمَى

مَلِكِ المُلوكِ فَطاحَ دُونَ مُحامِ

أَنَّى ومِنْ أيْنَ اسْتَدارَ لَهُ الرَّدَى

والجَيْشُ مِلْءُ عَمائِرٍ ومَوامِ

فِيهِ الكُماةُ إذا هُمُ اعْتَقَلوا القَنا

وافَوْك بِالآسادِ والآجامِ

أصْماهُ رَامٍ كَمْ ثَنَى عَنْهُ العِدَى

صَرْعَى يُنَاضلُ دُونَهُ ويُرامِي

نُورُ الوُجودِ أُتِيحَ مِنْ إِطْفائِهِ

مَا ألْبَسَ الدُّنْيا مَسوحَ ظَلامِ

سَيْفُ الهُدى أوْدى بِهِ سَيْفُ الرَّدَى

قَدْ يَفْتِكُ الصّمْصامُ بِالصّمْصَامِ

مَا لِلنُّجُوم طَوالِعا مَا للْجِبا

لِ رَواسِياً ما لِلبِحارِ طَوامي

لِمْ لَمْ تَغُرْ لِمْ لَمْ تَزُلْ لِمْ لَمْ تَغُض

مِنْ شِدَّة الحَسَراتِ وَالآلامِ

في بُونَةٍ بانَتْ حَياةُ المُرْتَضَى

يَحْيَى وقِيدَ إِلى الثَّرى بِزِمَامِ

وهُناكَ خُطَّ ضَريحُهُ سَقْياً لَه

هَلا بأفْئِدَةٍ عَلَيهِ حِيامِ

لَمَّا ثَوَى دَارَ السَّلامِ تَرَحَّلَتْ

عَنَّا مَحَاسِنُ دَهْرِنَا بِسَلامِ

لا طِيبَ في الأَسْحارِ والآصالِ مُذْ

طَابَ الثَّرَى مِنْهُ بِخَيْرِ إِمامِ

عَطَلَتْ ظُهُورُ الأَرْضِ مِنْ تِلْكَ الحُلَى

إذْ حُلِّيَتْ مِنْها بُطُونُ رِجامِ

كانَ الزَّمانُ يَضِيقُ عَنْهُ جَلالَةً

فَإِذَا بِهِ في تُرْبَةٍ وسلامِ

هَبْ عَيْنُهُ ذَهَبَتْ بِيَوْمِ حِمَامِهِ

ما ذَاهِبٌّ أثَرٌ لَهُ بِحِمَامِ

سَلْ عَنْ ظُباهُ مَشارِقاً ومَغارِباً

تُنْبِئْكَ عَنْ إغْمَادِها في الْهامِ

وانْظُرْ إليهِ مُسالِماً ومُحَارِباً

تَجِدِ الهِدَايَةَ أُسْوَةَ الإلْهَامِ

غَلَبَتْهُ صادِمَةُ المَنُونِ وطَالَما

هابَتْهُ أغْلَبَ مَاضِيَ الإقْدامِ

وانْجَابَتِ الحَرَكاتُ عَنْ إسْكانِهِ

ما بَيْنَ أجْداثٍ وبَيْنَ رِمَامِ

وَاهاً وآهاً لَوْ شَفَى تَرْدَادُهَا

مِنْ زَفْرَةٍ مَشْبُوبَةٍ كضِرَامِ

أتْهِمْ وَأنْجِدْ يَا نَجِيبُ فَقَد قَضَى

نَحْباً أَخُو الإنْجَادِ وَالإتهامِ

كَيْفَ احْتِسَابِي ما ألمَّ وَإنَّمَا

حَسَنَاتُ صَبْرٍ فيهِ كالآثَامِ

لا تَحْسِبُوني صَاحِياً مِنْ خَمْرَةٍ

لِلْحُزْنِ فِيهَا العَالَمُونَ نَدَامِي

أمِنَ الوَفَاءِ وَفَاتُهُ وَحَيَاتُنا

أُفٍّ لِكُفَّارٍ يَدَ الإِنْعامِ

سَوْأَى مِنَ الأَحْدَاثِ وَافَتْ بَعدَها

حُسْنَى لهَا فِي اللَّهِ حسنُ مَقَامِ

لَمَّا انْتَأى مَلأَ الهُدَى أثْنَاءَها

فَكَفَى عَظَائِمهَا اكْتفَاءَ عِظامِ

يَا فَوْزَهُم بِخِلافةٍ تَعْنُو لهَا

خُلَفَاءُ بَيْتَيْ هَاشِمٍ وَهِشَامِ

وتَدُومُ في الأَعقَابِ ليسَ لِحُكْمِها

نَسْخٌ مدَى الأَحْقَابِ والأَعْوَامِ

أرْضَوْا إمَامَهُمُ فَأَمْضَوْا عَهْدَهُ

وَوَفَوْا لأَنْفِ الْبَغْيِ بِالإرْغَامِ

قَسَماً بِهِ لَوْلا إمَارَةُ نَجْلِهِ

لَغَدَا الهُدَى نَثْراً بِغَيْرِ نِظَامِ

أتَرَاهُ كُوشِفَ بالذِي هُوَ كَائِنٌ

فَاعْتَامَهُ مِنْ جَوْهَرٍ مُعْتَامِ

وَأقَامَهُ للنَّاسِ يَجْمَعُهُمْ عَلَى

سُلْطَانِهِ وَرَآهُ خَيْرَ قِوَامِ

دَهَمَتهُمُ دُهْمُ الخُطوبِ فَشَدَّ ما

جَلَّى دُجَاهَا مِنْهُ بَدْرُ تَمَامِ

لَمَّا ارْتَضَاهُ نَضَاهُ عَضْباً حاسِماً

غُدِرَ العِدَى مِنْ رَأْيهِ بِحُسَامِ

أَوْلى ذِمَامٍ بالرِّعَايَةِ عِنْدَهُ

مَا لَمْ يُجَاوِزْهُ سُؤالُ مُضامِ

للَّهِ زَحْفُ خَمِيسهِ بِزَعِيمِهِ

تَحْتَ اللوَاءِ لعُبَّدِ الأَصْنَامِ

مِنْ كُلِّ مورد رُمْحَهُ أَدرَاعَهُم

فَتَرَى بِهِ ألِفاً مُخالِطَ لامِ

رَجَفَتْ بلادهُمُ لِبَيْعَتِهِ التِي

مَرَّتْ بهَا الأرْوَاحُ في الأجْسَامِ

وعَنِ القُلوبِ تَفَقَّأَتْ أضْلاعُهُم

فَكأَنَّها الأزْهَارُ دُونَ كِمَامِ

لمُحَمَّدٍ وُعِدَتْ رعَايَا أحمَدٍ

ألا تَزَالَ زَوَاهِرَ الأَيَّامِ

وكأنَّ بِشْراً سَاطِعاً إشْرَاقُهُ

في وَجْهِهَا مِنْ وَجْهِهِ البسَّامِ

مَلِكٌ نَمَتْهُ في المُلوكِ عِصَابَةٌ

هِيَ مَفْخَرُ الأسْيَافِ والأقْلامِ

بُشْرَى الأَنامِ بِدَوْلَةٍ حَفْصِيَّةٍ

مَنْصُورَةِ الرَّايَاتِ والأَعْلامِ

أبَداً تُوافِي مِنْهُمُ بأئِمَّةٍ

زُهْرِ المَنَاقِبِ رُجَّحِ الأَحْلامِ

في يَوْمِهِم أحْيَوْا خَليفَةَ أمْسهِم

شَبَهاً بِهِ في النَّقْضِ والإبْرَامِ

تِلْكَ الشَّمَائِلُ كَالشَّمائِلِ قَد سَمَتْ

بِأَبِي غَمَام مُقْلِعٌ بغَمَامِ

يا خَجْلَتِي لِلْفِكْر أقْعَدَهُ الأسَى

عَنْ نَهْضَةٍ بحقُوقِها وقِيامِ

كُنْتُ المُطيلَ مُهَنِّئاً ومُعَزِّياً

لَكِنْ كفانِيها أبُو تَمَّامِ

تِلْكَ الرّزِيَّةُ لا رَزِيَّةَ مِثْلُها

والقسْمُ لَيْسَ كَسَائِر الأقْسامِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الأبار البلنسي

avatar

ابن الأبار البلنسي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-ibn-alabar@

253

قصيدة

1

الاقتباسات

40

متابعين

محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي أبو عبد الله. من أعيان المؤرخين أديب من أهل بلنسية بالأندلس ومولده بها، رحل عنها لما احتلها الإفرنج، واستقر بتونس. فقربه ...

المزيد عن ابن الأبار البلنسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة