هذي الجراحُ جراحي ، والدماءُ دمي
وذي بلادي ، وهذي الهُتِّكَتْ حُرَمي
والمُستَباحَة ُفي أقطارِها قيَمي
وكلُّ أهلي بها صَاروا بِلا ذِمَم ِ
أشكو لِمروان ، أم أشكو لِمُعتَصِم ِ؟!
إصعَدْ ، فَها أنتَ في بَوّابَة ِالحُلُم ِ
كالصَّقرِ بين ذ ُرى عمّان والأكَم ِ
إصعَدْ..فكلُّ رياح ِالأرض ِلو عَصَفتْ
مَرَّتْ بكَ الآن مَرَّ الغَيم ِ بالعَلَم ِ
إصعَدْ..فألفُ سَموم ٍقبلَها عَزَفَتْ
وأنتَ تَخفُقُ بين النَّجم ِ والسُّد ُم ِ
ما نالَ منكَ سوى جِنْحَيكَ عاصِفُها
وأنتَ كالكوكبِ الدُّرّيِّ في العَتَم ِ
خمسينَ عاماً مَلأتَ الكَونَ أجْنِحَة ً
مَخضوبَة َالرّيش ِبَين الرّيح ِوالظُلَم ِ
حتى وَصَلتَ إلى عمّان ، فَلتَعِدَنْ
أن تَستَريح ، فهذا أوَّلُ الأجَم ِ
وأوَّلُ الشَّوطِ في مَسراكَ ، فَلتُقِمَنْ
فَقد تُلامُ غَداً إنْ أنتَ لم تُقِم ِ
إهدأ ْ قليلاً على الأوراق ِيا قَلَمي
لقَد بَشِمْتَ مِن النيران ِ، فانفَطِم ِ!
ولا تَقُلْ لي مَنايانا تُلاحِقُنا
أعمارُنا والرَّدى ساقٌ على قَدَم ِ
يَمشي بنا المَوتُ ، أو نَمشي بهِ عَنَتاً
بلا سروج ٍ، ولا خَيْل ٍ، ولا لُجُم ِ
فَإنْ يَنَمْ أيُّ مَوتٍ عن وَدائِعِه ِ
فَعُمْرَ مَوتِ العراقيّين لم يَنَم ِ!
وأين..مِن أينَ تَنسانا مَقاتِلُنا
وَكُلُّ أعمارِنا مَختومَة ٌ بِدَم ِ؟!
ميراثُنا أبَداً هذا .. وَأكرَمُه ُ
أنَّ الشَّهادة َفينا ذ ُروَة ُ الكَرَم ِ!
مِن ألفِ عام ٍوَراياتُ الحُسَين ِلَنا
رَمزٌ نَتيه ُبِه ِزَهْواً على الأ ُمَم ِ
فَكيفَ أنقُلُ عن أهلي مَواجِعَهُم ؟
أ ُرَى صَغيراً ، وَهُم في غايَة ِالعِظَم ِ!
عَمّانُ عَفوَكِ أنّي ، والشَّجى بِفَمي
أبدو بِعيدِكِ هذا مُوجَعَ النَّغَم ِ
حَمَلتُ بَغدادَ حَمْلَ الجَمرِ في رِئَتي
مَسحوقَة َالعَظم ِلكنْ هُولَة َالشِّيَم ِ
دَماً وَكِبْراً تَزُخُّ النّازفاتُ بها
فَتَشرَئِبُّ على طُوفانِها العَرِم ِ
عَنْقاءَ هائلَة َالجِنْحَين ِتَصعَد ُمِن
نافورَةِ الد َّم ِ، أو نافورَة ِالضَّرَم ِ
أجساد ُأولادِنا القَتْلى قَوادِمُها
أمّا الخَوافي فَموتٌ مُوحِشُ القِدَم ِ
مِن عَصْرِ سومَرَ لم تَبرَحْ مَقاتِلُنا
ما سُدّيَتْ بِدَم ِ النَّهرَين ِتَلتَحِم ِ!
وها مَقاتِلُنا للرّيح ِمُشْرَعَة ٌ
تَرنو لِما جَيَّشَ الطُّوفانُ من رُجُم ِ
ولا تَرفُّ لَنا عينٌ ، ولا كَبد ٌ
إلا إذا مَرَّ طِفلٌ راعِشُ القَدَم ِ
أمامَ أنظارِنا..إذ ذاكَ نَرجفُ مِن
خَيال ِساقَيه ِمُلقاتَين ِفي الحِمَم ِ!
عَشْرٌ مَضَيْنَ وكلُّ الأرض ِواجِمَة ٌ
مِن مَوتِنا ، وَعَبَرْنا فيه ِلم نَجِم ِ
وَلا نَدِمنا على ما سالَ مِن دَمِنا
جُرْحُ الكَرامَة ِيَستَعصي على النَّدَم ِ!
ونَحنُ أبناءَ عَمّي نَلتَوي ألَماً
لكنْ نَظَلُّ عراقيّينَ في الألَم ِ!
نَرقى ، وَتَرقى مَنايانا تُلاحِقُنا
فَلا نَفيءُ لَها إلا على القِمَم ِ
وَعُمْرَنا ما تَلَفَّتْنا إلى أحَدٍ
والمَوتُ يَدنو..وَلا لُذ ْنا بِمُعتَصَم ِ
كذاكَ عَوَّدَنا تاريخ ُا ُمَّتِنا
مِن خافِقاتِ صلاح ِالدّين ِللحَكَم ِ!
عَشْرٌ وَنحنُ نُعاني طَوقَهم وَجَعاً
وَهاطِلاً مِن دِماءٍ سِلْنَ كالدّيَم ِ
أطفالُنا ، كلَّ فَجْر ٍ، مِن نَوارِسِهِم
سِرْبٌ يَطيرُ إلى بَوّابَةِ العَدَم ِ!
وَنحنُ نَسألُ : هل في العُرْبِ مِن رَحِم ٍ
أم أنَّنا أ ُمَّة ٌصِيغَتْ بِلا رَحِم ِ ؟!
وَلا أ ُعاتِبُ لولا أنَّه ُ وَجَع ٌ
دَمي استَحالَ بهِ ِخَصمي وَمُختَصَمي
يُميتُني فيه ِجُرْحٌ غَيْرُ مُلتَئِم ٍ
أحنو علَيه ِبِجُرْح ٍغَيْر ِمُلتَئِم ِ!
بالأمْس ِقُلتُ ، ولِلتاريخ ِذاكِرَة ٌ
كان العراقُ وَحيداً ، عاريَ الأدَم ِ
وَحَوله ُالأرضُ،كلُّ الأرض ِ، مُشرَعَة َال
أنيابِ..حتى على الأحجار ِوالرُّقُم ِ
وَقُلتُ : أبناءَ عَمِّي..تِلكَ آكِلَة ٌ
غَداً تَدورُ مَدارَ الذ ِّيبِ في الغَنَم ِ
فَحاذِروا أنْ تَكونوا مِن مَخالِبِها
فَتُصْلَموا بَعدَنا في شَرِّ مُصْطَلَم ِ
عَشْرٌ مَضَيْنَ على صَوتي صَرَختُ بهِِ ِ
هُنا بِعَمّان ، لكنَّ الزَّمانَ عَمِي !
ها هُم..وهذي فلسطينُ التي ذ َبَحوا
والآنَ نحنُ .. وبَعدَ الآن في الحَرَم ِ
وبَعدَها يُصبحُ الإسلامُ ساحَتَهُم
وَتُستَباحُ دِماءُ العُرْبِ والعَجَم ِ
وَكُلُّكم ساكِنٌ في رَملِها خِيَماً
ما دامَ نَسْلُ يَهوذا صانِعَ الخِيَم ِ!
عُذراً لِعَمّان أنّي جئتُ مُشتَعِلاً
فَقد تَرَكتُ وَرائي أفْرُخي وَدَمي
وكلَّ أهلي ، وكلَّ الناس ِفي وَطَني
يُهَيِّئونَ دِماهُم في انتِظارِهِم ِ
وإنَّها ساعة ٌ، صِيداً نواجِهُها
سَيُقحَمونَ بها في شَرِّ مُقتَحَم ِ
إنْ كانَت الآنَ أمريكا بها إرَماً
يَوماً يُدَمدِمُ صَوتُ الله ِفي إرَم ِ!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الرزاق عبد الواحد

avatar

عبد الرزاق عبد الواحد حساب موثق

العراق

poet-abdul-razzak-abdul-wahid@

54

قصيدة

1

الاقتباسات

950

متابعين

الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد (1 تموز 1930 - 8 تشرين الثاني 2015) شاعر عراقي ولد في بغداد، وانتقلت عائلته من بعد ولادته إلى محافظة ميسان جنوب العراق حيث عاش ...

المزيد عن عبد الرزاق عبد الواحد

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة