الديوان » العصر الأندلسي » الأبيوردي » لك المجد لا ما تدعيه الأوائل

عدد الابيات : 53

طباعة

لكَ المَجْدُ لا ما تدّعيهِ الأوائِلُ

وما في مَقالٍ بَعْدَ مَدْحِكَ طائِلُ

وليسَ يؤدّي بَعْضَ ما أنتَ فاعِلٌ

إذا رُمْتُ وَصْفاً كلُّ ما أنا قائِلُ

أبوكَ وأنتَ السّابِقانِ إِلى العُلا

على شِيَمٍ منْهُنَّ حَزْمٌ ونائِلُ

ولولاكُما لم يُعْرَفِ البأسُ والندىً

ولمْ يَدْرِ ساعٍ كيفَ تُبغى الفضائِلُ

وهل يَلِدُ الضِّرْغامُ إلا شَبيهَهُ

ويُنجِبُ إلا الأكْرَمونَ الأماثِلُ

فلَيتَ أباً لا يُورِثُ الفَخْرَ عاقِرٌ

وأُمّاً إذا لم تُعْقِبِ المَجْدَ حائِلُ

وأنت الذي إنْ هَزَّ أقْلامَهُ حَوى

بِها ما نَبَتْ عنهُ الرِّماحُ الذّوابِلُ

يَطولُ لِسانُ الفَخْرِ في مَكْرُماتِهِ

ويَقْصُرُ باعُ الدّهْرِ عمّا يُحاوِلُ

وحَيٍّ من الأعداءِ تُبدي شِفاهُهُمْ

نَواجِذَ مَقْرونٌ بِهنَّ الأنامِلُ

فمِنْهُم بِمُستَنِّ المَنايا مُعَرِّسٌ

تُطيفُ بهِ سُمْرُ القَنا والقنابِلُ

وآخِرُ تَستَدْني خُطاهُ قُيودُهُ

وهُنَّ بساقَيْ كُلِّ عاصٍ خَلاخِلُ

أزَرْتَهُمُ بَيضاً كأنّ مُتونَها

أجَنَّ المَنايا السّودَ فيها الصّياقِلُ

ولم يَبْقَ إلا من عَرَفْتَ وعنده

مكائِدُ تَسري بينهنَّ الغَوائِلُ

أطَلْتَ له باعاً قَصيراً فمَدَّهُ

إِلى أمَدٍ يَعْيَى بهِ المُتَطاوِلُ

وخاتَلَ عن أضْغانِهِ بتَودُّدٍ

وهلْ يَمْحَضُ الوُدَّ العدوُّ المُخاتِلُ

لَئِنْ ظَهَرَتْ منهُ خَديعةُ ماكِرٍ

فسَيْفُكَ لا تَخفى عليه المَقاتِلُ

وكم يوقِظُ الأحْقادَ من رَقَداتِها

وتَرْقُدُ في أغمادِهِنّ المَناصِلُ

فرَوِّ غِرارَ المَشْرَفيّ بهِ دَماً

فأُمُّ الذي لا يتْبَعُ الحَقَّ ثاكِلُ

بيومٍ ترَدّى بالأسنّةِ فاسْتَوَتْ

هَواجِرُهُ من وَقْعِها والأصائِلُ

وغارَ على الشّمسِ العَجاجُ فإنْ سَمَتْ

لتَلْحَظَها عيْنٌ ثَنَتْها القَساطِلُ

وحُلِّيَتِ الأعناقُ فيهِ منَ الظُّبا

قَلائِدَ لا يَصْبو إليهنّ عاطِلُ

بِكَفٍّ تُعيرُ السُّحْبَ من نَفَحاتِها

فتُرخي عَزالِيها الغُيوثُ الهَواطِلُ

وهِمَّةِ طَلاّعٍ إِلى كُلِّ سُؤدَدِ

لهُ غايةٌ منْ دونِها النّجْمُ آفِلُ

ففازَ غياثُ الدّينِ منكَ بِصارِمٍ

على عاتِقِ العَلْياءِ منهُ الحَمائِلُ

ودانَ لهُ حَزْنُ البِلادِ وسَهْلُها

وأنت المُحامي دونَها والمُناضِلُ

فما بالُ زَوْراءِ العِراقِ مُنيخَةً

بمُعْتَرَكٍ تَدْمى لديهِ الكَلاكِلُ

تَشيمُ من الهَيجاءِ بَرْقاً إذا بَدا

هَمَى بالنّجيعِ الوَرْدِ منهُ المَخائِلُ

تَحيدُ الرِّجالُ الغُلْبُ عنْ غَمَراتِها

وتَسْلَمُ فيهنَّ النِّساءُ المَطافِلُ

كأنَّ الإِلى طاروا إِلى الحَرْبِ ضَلّةً

نَعامٌ يُباري خَطْرَةَ الرّيحِ جافِلُ

ومِنْ أينَ يَسْتَولي منَ العُرْبِ رامِحٌ

على بَلَدٍ فيهِ منَ التُّرْكِ نابِلُ

أبابِلُ لا وادِيكِ بالرِّفْدِ مُفْعَمٌ

لدَيْنا ولا نادِيكِ بالوَفْدِ آهِلُ

لَئِنْ ضِقْتِ عني فالبِلادُ فَسيحةٌ

وحَسْبُكِ عاراً أنني عَنْكِ راحِلُ

وإنْ كُنتِ بالسِّحْرِ الحَرامِ مُدِلَّةً

فعِندي من السِّحْرِ الحَلالِ دَلائِلُ

قَوافٍ تُعيرُ الأعْيُنَ النُّجْلَ سِحْرَها

فكُلُّ مكانٍ خَيَّمَتْ فيهِ بابِلُ

وأيُّ فَتًى ماضي العَزيمَةِ راعَهُ

مُلوكُكِ لا رَوّى رِباعَكِ وابِلُ

أغَرُّ رَحيبٌ في النّوائِبِ ذَرْعُهُ

لأعْباءِ ما يأتي بهِ الدّهْرُ حامِلُ

فَتى الحَيِّ يَرْمي بالخُصومِ وراءَهُ

حَيارى إذا التَفَّتْ علَيهِ المَحافِلُ

مَتى تُسْلَبُ الجُرْدُ الجيادُ مِراحَها

إليكَ كما يَسْتَنْفِرُ النّحْلَ عاسِلُ

تُقَرَّطُ أثْناءَ الأعِنّةِ والثّرى

يُواري جَبينَ الشّمْسِ والنّقْعُ ذائِلُ

إذا نَضَتِ الظَّلْماءُ بُرْدَ شَبابِها

مَضَتْ وخِضابُ اللّيلِ بالصُّبْحِ ناصِلُ

ولَفَّتْ على صَحْنِ العِراقِ عَجاجَها

يُقَدّمُها مِن آلِ إسْحاقَ باسِلُ

إذا ما سَرى فاللّيْلُ بالبِيضِ مُقْمِرٌ

ولَوْنُ الضُّحى إن سارَ بالنّقْعِ حائِلُ

هُمامٌ إذا ما الحَرْبُ ألْقَتْ قِناعَها

فلا عَزْمُهُ واهٍ ولا الرَّأْيُ فائِلُ

وإنْ كَدَّرَتْ صَفْوَ اللّيالي خُطوبُها

صَفَتْ مِنْهُ في غَمّائِهنَّ الشّمائِلُ

أبَى طَوْلُه أن يُسْتَفادَ بِشافِعٍ

نَداهُ ومَعْصيٌّ لَدَيْهِ العَواذِلُ

فلَمْ يحْتَضِنْ غَيْرَ الرّغائِبِ راغِبٌ

ولمْ يتَشَبَّثْ بالوَسائِلِ سائِلُ

إليكَ أوَى يا بْنَ الأكارِمِ ماجِدٌ

لَهُ عِنْدَ أحداثِ الزّمانِ طَوائِلُ

تَجُرُّ قَوافيهِ إليكَ ذيولَها

كما ابْتَسَمَتْ غِبَّ الرِّهام الخَمائِلُ

وعندكَ تُرْعى حُرْمَةُ المَجْدِ فارْتَمى

إليكَ بهِ دامي الأظَلّينِ بازِلُ

بَراهُ السُّرى والسَّيْرُ وهْوَ منَ الضّنى

حَكاهُ هِلالٌ كالقُلامَةِ ناحِلُ

قَليلٌ إِلى الرِّيِّ الذّليلِ الْتفاتُهُ

وإنْ كَثُرَتْ لِلْوارِدينَ المَناهِلُ

وها أنا أرْجو من زَمانِكَ رُتبَةً

يَقِلُّ المُسامي عِنْدَها والمُساجِلُ

ولَيسَ بِبِدْعٍ أن أنالَ بِكَ العُلا

فمِثْلُكَ مأمُولٌ ومِثْليَ آمِلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأبيوردي

avatar

الأبيوردي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alabywrdy@

390

قصيدة

134

متابعين

محمد بن أحمد بن محمد القرشي الأموي، أبو المظفر. شاعر عالي الطبقة، مؤرخ، عالم بالأدب. ولد في أبيورد (بخراسان) ومات مسموماً في أصبهان كهلا. من كتبه (تاريخ أبيورد) و (المختلف ...

المزيد عن الأبيوردي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة