الديوان » العصر العباسي » السري الرفاء » ما ضر ليلتنا بسفح محجر

عدد الابيات : 55

طباعة

ما ضَرَّ ليلتَنا بسَفْحِ مُحَجِّرِ

لو باعَدَتْ سَفَرَ الصَّباحِ المُسفِرِ

باتَ العِناقُ يَهُزُّ من أعطافِنا

غُصُنَين في وَرقِ الشَّبابِ الأخضرِ

إلفانِ وِرْدُهُما المُدامُ على الظَّما

وجَناهُما زَهْرُ الحديثِ الأَزهَرِ

لا تُنْكِري خَفَقانَ قلبٍ خافقٍ

نَفَرَتْ به غِيدُ الظِّباءِ النُّفَّرِ

شَرفاً من الأَيَّامِ يوماً صالحاً

شفَيا به حَرَّ الجَوى المُتسَعِّرِ

للهِ صادرةُ الَّليالي إنها

صدرَتْ بطيبِ العَيْشِ أسرعَ مَصدَرِ

عندي لعا نَفَسُ المَشوقِ إذا جرَتْ

خَطَراتُهنَّ وأَنَّةُ المُتذَكِّرِ

ولربَّ ساقٍ توَّجَتْ يدُه يدي

بإناءِ ياقوتِ المُدامِ الأحمرِ

وغَريرةٍ جاهرْتُ غَيرانَ الهَوى

بوِصالِها فنَعِمْتُ غيرَ مُغرَّرِ

أيامَ كان رِدايَ يَفضُلُ قامتي

فتُذالُ في عُرْفِ الصِّبا والمُنكَرِ

وحدائقٍ يَسبيكَ وَشْيُ بُرودِها

حتَّى تَسُبَّ لها سبائبَ عَبقَرِ

يَجري النَّسيمُ خِلالَها وكأنَّما

غُمسَتْ فضولُ ردائِهِ في العَنْبَرِ

باتَتْ قلوبُ المَحْلِ تَخفِقُ بينَها

كَخُفُوقِ راياتِ السَّحابِ المُمطِرِ

من كلِّ نائي الحُجرَتَيْنِ مُقنَّعٍ

بالبَرقِ داني الطُّرَّتَيْنِ مُشَهَّرِ

تُحدَى بألسنةِ الرُّعودِ عِشارُه

فتسيرُ بين مُغَرِّدٍ ومُزَمْجِرِ

طارَتْ عقيقةُ بَرْقِهِ فكأنَّما

صَدَعَتْ ممسَّكَ غيمِه بِمُعَصفَرِ

فالرَّوْضُ بينَ مُزَنَّرٍ ومُدَنَّرٍ

فيها وبينَ مُسيَّرٍ ومُحبَّرِ

والغُدْرُ في أرجائِه مَصقولةٌ

مثلَ الدراهمِ أشرَقَتْ في مَنْثَرِ

وكأنَّما عرضَت لزاهرِ زَهرِها

كفُّ الأميرِ بعارضٍ مُتَعَنْجِرِ

مَلِكٌ إذا ما مَدَّ خَمسَ أناملٍ

في الجُودِ فاضَ بهنَّ خمسةُ أبحرِ

تَلقاه يومَ الرَّوْعِ فارسَ مَعَركٍ

ضَنْكٍ ويومَ السِّلمِ فارسَ مِنبَرِ

تَبكي سحائبُه ويضحَكُ بْشْرُهُ

فنوالُهُ من ضاحكٍ مُستَعبِر

متفرِّعٌ من دَوْحَةٍ عَدَوِيَّةٍ

هي والسَّماحُ تَفرَّعَا من عُنصُرِ

جبرَ الوليَّ نواله وتناهَبتْ

أسيافُه جَبَرِيِّةَ المتجبِّرِ

مثلُ الشِّهابِ أضاءَ حِلَّةَ مَعْشَرٍ

بحريقِهِ وأصابَ حِلَّةَ معشَرِ

شَرَفُ يقولُ لمن يُناوِئُه اكتئِبْ

وَعُلىً يقول لمن يُجاريه اخْسَرِ

ويدٌ تَساوى الناسُ في معروفِها

فيدُ المُقِلِّ تنالُه والمُكثِر

يا تغلبَ الغلباءِ طُلْتِ بِطَوْله

ونِجارِه قِممَ الكواكبِ فافْخري

بمُطوَّقٍ طوْقَ المحامدِ ساحبٍ

بُرْدَ المكارمِ بالثَّناءِ مُسَوَّرِ

وأغَرُّ مُغرىً بالصُّفوفِ يَشُقُّها

وظُبا السُّيوفِ يشقُّ جيبَ المِغْفَرِ

كَرٌّ أعلَّ سِلاحَه فضِرابُه

بمثلَّمٍ وطِعانُه بِمكسَّرِ

عمرَتْ أبا الهيجاءِ ربعَك نِعمةٌ

موصولةٌ بكَ عُمْرَ سبعةِ أنسُرِ

وسقَتْكَ طَيِّبةَ النَّسيمِ كأنَّما

تَهمي عليك بها حياضُ الكَوْثَرِ

أسهرْتَ ليلي إذ عَتَبتَ فلَم أَذُقْ

غُمضاً ومَنْ تَعتُبْ عليه يَسْهرِ

لو لم تكن متنكِّراً لي لم أكُن

لأَذُمَّ صَرْفَ الحادثِ المُتنكِّرِ

وإذا رُميتُ بعَتْبِ مثلِك خانَني

جَلَدي فلم أصبِرْ ولم أتصبَّرِ

أنَسِيتَ غُرَّ مدائحٍ حلَّيتُها

بعُلاكَ باقيةً بَقاءَ الأَدْهُرِ

تغدو عليك من الثَّناءِ بناهدٍ

معشوقَةٍ وتروحُ منك بمُعصِر

بِدَعٌ تضوَّع نَشْرُها فكأنَّما

كُتِبَتْ صَحائِفُها بمِسْكِ أذفرِ

هذا ولم أَجْنِ القبيحَ فأجتني

غَضَباً ولم أَهجُرْ لديك فُأهْجَرِ

بل قد ركِبتُ من الذُّنوبِ عظيمَها

ورجوتُ عفوَكَ فاعْفُ عني واغفِرِ

فلقد تعمَّدَ ثَغرتي بِسهامِه

واشٍ تعمَّدَني بقُبْح المَحضَرِ

يا سَيِّدَ الأُمَرا دعوْتُكَ شاكراً

إن تُعْطِ أو تَحرِمْ صنيعُكَ يُشكَرِ

ومُظَفَّرٍ بِنَدَى يَديْكَ ولو غَدا

بالحمدِ غيرُكَ عادَ غيرَ مظفَّرِ

أذكَى له المِرِّيخُ جَمْرَ نُحوسِه

وتَغَّيَبَتْ عنه سُعودُ المُشتَري

نُوَبٌ أَطَرْنَ عليه شُعلةَ أبيضٍ

عَضبِ المَضاربِ أو شرارةَ أسمَرِ

ورمَتْ به شقراءُ تَحْسِبُ بُردَها

يَنقَدُّ من شِيَةِ الجَوادِ الأشقَرِ

ترمي بمُحمَرِّ الشَّرارِ كأنَّما

تُرمَى جوانبُها بوردٍ أحمَرِ

خلَعَتْ عليه من الحريرِ يَلامِقاً

صُفْراً فبينَ مُحلَّلٍ ومُزرَّرِ

فالدَّهرُ يعجَبُ منه لَمَّا مسَّه

بِجَهنَّمَ الصُّغرى فلم يَتفطَّرِ

هِيَ وَعكَةٌ كانت ثِقافَ مُقوَّمٍ

لَدْنَ المَهَزَّةِ أو صِقالَ مُذكَّرِ

تاجٌ كبَدْرِ التَّمِّ عادَ ضِياؤُهُ

بعدَ الكُسوفِ فِراقَ عينِ المُبْصِرِ

أو كالحُسامِ جَلا الصيَّاقلُ مَتْنَهُ

حتى ترقَرقَ منه ماءُ الجَوهَرِ

إنَّ النُّضارَ إذا تَتابعَ سَبْكُهُ

خَلَصَ النُّضَارُ وزادَ نَضْرَةَ مَنْظَرِ

فَلْيُكْمَدِ الأعداءُ أو فَلْيَحْمَدوا

إذ قدَّروا فيه الذي لم يُقْدَرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن السري الرفاء

avatar

السري الرفاء حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Sari-al-Raffa@

559

قصيدة

2

الاقتباسات

98

متابعين

السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن. شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بها، فعرف بالرفاء. ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد ...

المزيد عن السري الرفاء

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة