الديوان » العصر المملوكي » الطغرائي » هم الحي ما بين العذيب إلى الرمل

عدد الابيات : 45

طباعة

همُ الحيُّ ما بين العُذَيبِ إِلى الرمْلِ

حُلولاً على البطحاءِ من مُلتقَى السُّبْلِ

دعاهُمْ إِلى الجَرْعاءِ من أيمنِ الحِمَى

تخلُّجُ برقٍ مُخفِرٍ ذمّةَ المَحْلِ

غَدوا يبتغونَ القطرَ حتَّى تباشَرُوا

بمرتفعٍ بالخِصْبِ مغتبق النفلِ

ألثَّ عليه كلُّ جَوْنٍ ربَابَهُ

يُسِفُّ إِلى أن يَمْسَحَ الأرضَ بالخَمْلِ

فما انجابَ حتى استأصلَ العِرْقَ في الثَّرَى

وصار رضيعُ النبتِ يحبُو إِلى الكهلِ

وحتى تناصَى العُشْبُ فيه وأُرسختْ

عُروقُ الندى واستمجدتْ عَذَب الأثلِ

كأنكَ قد شاطرتَها الخِلَعَ التي

حَباكَ بها السُلطانُ عن قِسمةٍ عدلِ

غداةَ كساكَ الروضُ وهو منمنمٌ

وليس لهُ إلا سَماحُك من وَبْلِ

حباكَ بما تحبُو به كلَّ زائرٍ

غدا يمترِي أخلافَ نائِلِكَ الجَزْلِ

وما ذاكَ كي تزدادَ عِزَّاً وإنَّما

أبانَ به عن رأيكِ المُحكَمِ الجدلِ

بمرقومةٍ تُصْبِي العقولَ كأنَّما

تخايلتَ منها بين قولِكَ والفِعْلِ

رفَلْتَ بها في مثلِ أخلاقكَ التي

بها عادَ شِعْبُ المجدِ ملتئمَ الشَّمْلِ

ومستطعمٍ فضلَ العِنَانِ كأنما

يلاعبُ عِطْفيه سَحوقٌ من النخلِ

إِذا هزَّهُ حنُّ المراح توقرتْ

بِأطرافِه أعباءُ حلمِكَ والفضلِ

محلَّى بأوفاضِ النجوم معلَّقٌ

عليه هلالُ الأُفقِ في موطئِ النعلِ

أطافَ به صِيدُ الملوكِ نواكِسَاً

عيونُهُمُ يمشونَ هَوناً على رِسْلِ

يرومونَ تقبيلَ الركابِ ودُونَهُ

إباءُ مروحٍ يطرُدُ اليدَ بالرِّجلِ

تجودُ سماءُ النقعِ فوقَ رُؤوسِهمْ

بديمةِ تِبْرٍ غيرِ مقلعةِ الهَطْلِ

وأبيضَ طاغي الحدِّ يُرعِدُ متنُه

مخافةَ عزمٍ منك أمضَى من النصلِ

عليمٌ بأسرارِ المَنونِ كأنَّما

على مضربيه أُنزلتْ آيةُ القَتْلِ

تفيضُ نفوسُ الصِيدِ دونَ غِرارهِ

وتطفَحُ عن متنيهِ في مَدْرجِ النملِ

تراهُ إِذا ما امتاحَ كفُّكَ غِمدَهُ

تخايلَ ما بين القبيعةِ والغلِ

خلعتَ عليه نورَ وجهِكَ فارتدَى

بنورٍ كفاهُ أن يُحادثَ بالصقلِ

وضرةِ شمسٍ يجتليها إِذا بدَتْ

شُعاعاً رُكاماً وهي راجِحَةُ الثقلِ

هي التِبرُ إلّا أنَّها قد تفرَّدَتْ

ببدعةِ ضَنٍّ من يديكَ بلا مِثْلِ

تُصبِّحُها كَفٌّ إِذا مسَّها افتدتْ

بأضعافِها خوفاً عليها من البَذْلِ

تذمُّ عليها من يديكَ رعايةٌ

لأحكامِ مجدٍ لا تُعَدُّ من النجلِ

لها جَمَّةٌ يستغزرُ النزحُ فيضَها

وليس لها إلّا اليراعةَ من حَبْلِ

إِذا انتابها الوُرَّادُ هِيْماً تَزاوروا

على نَفَحاتٍ تُشْرِقُ الماءَ بالسَّجْلِ

ضمانٌ من الإقبال عندك لم تَزَلْ

عواقبُهُ عما تُسَرُّ به تُجْلي

بعزمٍ إِذا ما انسابَ في مدلَهِمَّةٍ

من الخطب لم يرتدَّ إلّا على فصلِ

خفيُّ مَدَبِّ الكَيْدِ يكتُمُ سُخْطَهُ

رضَاهُ ويُسقي السمَّ في مَجَّةِ النَّحْلِ

ضمومٌ على الهَمِّ البعيد جَنَانَهُ

وقورٌ إِذا القومُ استطيروا من الجهلِ

يقاربُ خطوَ النائباتِ بعقلهِ

وأنعمُه في الناس مستورةُ العقلِ

به اعتدلَ المُلكُ الذي مالَ ركنُه

ومادتْ غصونُ العيشِ موقَرةَ الحملِ

فقلْ للأعادي بعد ما قد تبيَّنُوا

رويدَكُمُ لا تُشمتوا الجهلَ بالعقلِ

خذوا بنصيبِ العفوِ منه وحاذِرُوا

عجارفَ مدلولٍ على طلبِ الذَّحْلِ

هَجوم على الأعداءِ من صوب أمنِهْم

متى ما يَشَأْ يُعْمِ النواظرَ بالكُحْلِ

لك الخيرُ فضلي سار شرقاً ومغرباً

وجَدّي ضعيفُ الخطو يَرْسُفُ في كبلِ

ولي قِبَلَ الأيامِ منذ صِحِبْتُها

مواعيدُ قد أعلقنَها شرَكَ المطلِ

لوينَ طويلاً ثم لما اقتضيتُها

أحلْنَ على من يخدعُ الجِدَّ بالهزلِ

وقد لفظتني الأرضُ حتى تراجعتْ

برحلي إِلى أكنافِ جانبكَ السَهْلِ

فلا تتركنِّي للنوائب مُضْغَةً

وقد كشَّرتْ عن حَدِّ أنيابِها العُصْلِ

بَقِيتَ ليبقى الدينُ والمُلْكُ إنَّما

يتمُّ بقاءُ النَّصْلِ والفُوق بالنَّبْلِ

وطاوعكَ المقدارُ فيما تُريدُه

يجدِّدُ ما تُبْلِي ويكتبُ ما تُمْلِي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الطغرائي

avatar

الطغرائي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Tughrai@

375

قصيدة

4

الاقتباسات

158

متابعين

الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو إسماعيل، مؤيد الدين، الأصبهاني الطغرائي. شاعر، من الوزراء الكتاب، كان ينعت بالأستاذ. ولد بأصبهان، واتصل بالسلطان مسعود بن محمد السلجوقي (صاحب ...

المزيد عن الطغرائي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة