الديوان » العصر المملوكي » الطغرائي » أهاب به داعي الهوى فأجابا

عدد الابيات : 64

طباعة

أهابَ به داعي الهَوى فأجابا

وعاودَهُ نكسُ الصّبَا فتصَابَى

وأدَّاهُ من بعدِ التجارب رأيُهُ

إِلى أن عصَى حُكْمَ الحِجَى فتغابَى

وطابَ له عن غِرَّةِ العيشِ أَرْيُهُ

وقد ذاقَ من طعمِ التجارب صَابَا

وحَلَّ عِقَالَ العَقْلِ عندَ يَدِ الهَوى

فسامَ كما شاء الغرامُ وسَابَا

وشَام بُرَيْقَاً بالحِمى شاقَ لَمْعُهُ

رفاقاً وخيلاً بالغُويرِ عِرَابَا

تناعس للأيقاظ فوقَ رِحالِهم

فمدّوا عُيوناً نحوَهُ ورِقَابَا

فكم دونَ ذاك البرق من متجلِّدٍ

يُكاتمُ أسرارَ الغَرامِ صحَابَا

وآخرَ نمّامِ الجفونِ زفيرهُ

يشُقُّ وراءَ السابريِّ حِجابَا

ومن مُقْصِرٍ يصمي حَماطةَ قلبهِ

صوائبُ وُطْفٌ ما كُسِينَ لُغَابَا

يُردّدُ طرفا في صَرى الدمع سابحاً

ويَرقِي فُؤاداً بالعَزاء مُصَابَا

وأغيدَ لو خاصرتَهُ في سُجوفِه

لردَّ مشيبَ العارضَيْنِ شَبابَا

أغنَّ إِذا استمليتَ وحيَ جُفونِه

درسْنَ من السحرِ المبينِ كِتابَا

فيا رُفقة تُزجِي الرِكابَ طلائحاً

سقَتْهَا الغوادِي رُفقةً ورِكابَا

حَدا بِهِمُ حادي الغرامِ فَيَمَّمُوا

مساقِطَ مُزْنٍ بالأباطحِ صابَا

ولو قايَسُوا بالمُزْنِ عيني لصادفوا

دُموعيَ أندى العارضين سَحابَا

يَؤُمّونَ أرضاً بالبِطَاحِ أريضَةً

وزُرقَ حمامٍ بالعُذَيبِ عِذَابَا

ومرهومةً مرقومةً عُنِيَتْ بها

صَناع كستْ وجهَ السماء نِقَابَا

يلينُ لها قلبُ الهجير إِذا قَسا

بسُقْيا جُفونٍ ما يَزَلْنَ رِطَابَا

وتهدي إليها في النسيمِ إِذا سرَى

لطائمُ تَحوي عنبراً ومَلابَا

لك اللّه إني ناشدٌ كَبِداً بها

صُدوعٌ فهل من مُنْشِدٍ فيُثَابَا

وهل عندكم صبرٌ جميلٌ فتعمرُوا

فُؤاداً من الصبرِ الجميلِ خرابَا

وهل فيكمُ راقٍ فيشفي برُقْيَةٍ

لديغَ هوىَ يرجُو لديهِ ثَوابَا

وهل نظرةٌ عجلَى يُريكَ اختلاسُها

غليلَ مُعَنَّى لا يذوقُ شَرابَا

أخادعُ نفسِي بالسؤالِ تعَلُّلاً

وإن لم تردُّوا للسؤالِ جَوابَا

وما الرأيُ إلّا الهجرُ لو أنَّ مُسْعِداً

من الصبرِ إذ يُدعَى إليهِ أجابَا

إِذا ما الهَوى استولَى على الرأي لم يدعْ

لصاحبهِ في ما يراهُ صَوابَا

مَلِلْتُ ثَوائي بالعراقِ وملَّني

رفاقي وكانوا بالعراق طِرابَا

وأَنفقتُ من عُمْرِي وذاتِ يدي بها

بضائِعَ لم أملِكْ لهُنَّ حسابَا

وزاحمت مهري والمهنَّدَ في الغِنَى

فلم أُبْقِ إلّا مِقوداً وقِرابَا

وأبْلَى بها الجُردُ العِتاقُ أجِلَّةً

عليهنَّ والصحبُ الكرامُ ثِيابَا

وفارقَنِي أهلُ الصَّفاءِ تبرُّماً

بشَحْطِ نوىً شابوا عليه وشَابَا

فلا زائرٌ يَغشَى جنابي لحاجةٍ

ولا أنا أغشَى ما أقمتُ جَنابَا

ولا موقِدٌ ناري بعلياءَ للقِرَى

ولا رافعٌ لي بالعَراء قِبابَا

إِذا قلتُ إني قد ظفِرتُ بصاحبٍ

سكنتُ إليه خاننِي وأرابَا

أُقلِّبُ عيني لا أرى غيرَ صاحبٍ

ظننتُ به الظَّنَّ الجميلَ فخابَا

وكيف ثَوائي بالعراق وقد غَدا

عليّ بها رَوْحُ النسيم عَذابَا

هو الربعُ لم يُخْلَق بنوه أعزَّةً

كِراماً ولم تَنبُتْ قناهُ صلابَا

ولا طرقت أُمُّ الحفاظِ بماجدٍ

ولا حضَنَتْ ظِئرُ العفافِ كِعابَا

بنو الغَدْرِ لما فتَّشَ البحثُ عنهم

أراكَ وميضَاً خُلَّباً وسَرابَا

متى ما نَبَا دهرٌ نَبَوا وتصَّرفُوا

على حالتَيْه جَيْئَةً وذَهابَا

معاشرُ لو طابَ الثرى في بلادِهم

زكا عندَهم غرسُ الجميلِ وطابَا

مناكِيدُ تأبَى أن تجودَ لِقاحُهم

بِدَرِّ بَكِيٍّ أو تُشَدّ عِصابَا

إِذا استخبَر المرءُ التجاربَ عنهمُ

أرتْهُ بِهاماً رُتَّعاً وذِئَابَا

إِذا كنتَ عند الحادثاتِ وقد عرتْ

مِجَنّاً لهم كانوا قَناً وحِرابَا

أُفارقُهم لا آسفاً لفراقِهمْ

ولا مؤْثِراً نحو العراق إيابَا

فيا عجباً حتى الخلافةُ ما رأتْ

لحقِّيَ أن أُجْزَى به وأُثَابَا

ولم تَرْعَ لي نُصْحِي القديمَ وخدمتِي

أخوضُ غِماراً أو أروضُ صِعابَا

لَعمري لَقَدْ ماحضتُها النُّصحَ باذلاً

لوُسعي وقد رُدَّتْ إليَّ منابَا

فيا ليت نُصحي كان غِشَّاً وطاعتي

نفاقاً وصِدقي في الولاء خِلابَا

كما صار آمالي غُروراً وخدمتي

هباءً وسعيي خيبةً وتَبابَا

ويا ليتني دامجتُ فيه معاشراً

تركتهُمُ شُوْسَاً عليَّ غِضَابَا

أليس زُرَيقٌ لم يخَفْ أن أمضَّهُ

عتاباً وهل يخشَى اللئيمُ عتابَا

تصاممَ عنِّي أو تعامَى ولم يخَفْ

سِهاماً من العَتْبِ الممِضِّ صِيَابَا

وفَيْتُ بعهدٍ كان بيني وبينَهُ

وبينَ مَقاماتٍ بمصرَ خطابَا

ولو صَحَّ ما يُعزى إليه لحلَّقتْ

بأشلائه رُبْدُ النُّسورِ سِغَابَا

وكيف يُرَجِّي من يكونُ ادِّعَاؤُهُ

وَلاءَ أميرِ المؤمنين كِذابَا

لعمريَ ما فارقتُ ربعيَ عن قِلىً

ولا رَضيَتْ نفسي سواهُ مَآبَا

ولكنْ تكاليفُ السيادةِ جَعْجَعَتْ

برحلي ودهرٌ بالحوادثِ رَابَا

أهُمُّ بأمرٍ والليالي تردُّنِي

وأجمعُ شملي والحوادثُ تابَى

سقَى اللّه جَيَّا ما أرقَّ نسيمهَا

إِذا الظِلُّ من لفحِ الهواجرِ ذابَا

وأندى ثراها والغوادي شحيحةٌ

بصوبِ حَياها أن تبلَّ تُرابَا

وأطيبَ مغناها وأعذبَ ماءَها

وأفيحَها للطارقينَ رِحابَا

وأبهى رِباعاً وسْطَها ومنازلاً

وأزكى صُحوناً حولَها وهِضَابَا

عسى اللّه يقضي أوبةً بعد غيبةٍ

ويختِمُ بالحُسنَى ويفتحُ بابَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الطغرائي

avatar

الطغرائي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Tughrai@

375

قصيدة

4

الاقتباسات

157

متابعين

الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو إسماعيل، مؤيد الدين، الأصبهاني الطغرائي. شاعر، من الوزراء الكتاب، كان ينعت بالأستاذ. ولد بأصبهان، واتصل بالسلطان مسعود بن محمد السلجوقي (صاحب ...

المزيد عن الطغرائي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة