الديوان » العصر المملوكي » الطغرائي » سرى يكتسي قطعا من الليل مظلما

عدد الابيات : 49

طباعة

سرى يكتسي قِطعاً من الليل مظلما

نزيعُ كرىً أهوى إليَّ فسلَّما

فللهِ ذاك الخِشفُ خلَّى كناسَهُ

وحلَّ بوسْطِ الغاب يطرُقُ ضيغما

تخطَّى كعوبَ السمهريّ مقوَّماً

وخاضَ صفوفَ الأعوجيّ مسوَّما

سرى عاطلاً حتى اعتنقنا فلم تزلْ

دموعيَ تكسوهُ الجُمانَ المنظَّما

فبِتنا على رَغْمِ الحسودِ بغبطةٍ

خليطين ما ننمازُ إلّا توهُّما

وقد كان رجمُ الظنِ بالغيبِ لم يدَعْ

لنا غيرَ مسرى الطيف سِرَّاً مكتَّما

فقد أشعرُ الواشينَ بالسِرِّ أنني

محوتُ بلثمي عن مُقَبَّلِهِ اللُّمَى

وما أنسَ لا أنسى الوداعَ وقد جلا

لإيماضَة التسليم كفَّاً ومعصما

وخلسةُ طرفٍ بين واشٍ وحاسدٍ

ألذُّ من الماء الزُلالِ على الظما

وموقفُنا في حومةِ البينِ حُسَّراً

من الصبرِ نرضَى بالمنيّةِ مغنما

نلوِّحُ وجداً في الضميرِ مجمجماً

ونمسحُ خدَّاً بالدموع منمنما

عشيّةَ ملءَ الواديين لبينِهمْ

بواعثُ شوقٍ من فصيحٍ وأعجما

يرى نضوَ حُبٍّ يكتمُ الشوقَ مغرماً

على نِضو سير يُعْلنُ الشجوَ مُرْزِما

وأسحمَ غربيبَ المُلاءةِ ناعباً

وأورقَ غرّيدَ الضحى مترنِّما

وغيدٍ كخيطانِ الأراك ترنَّحُوا

على العيس أيقاظاً عليها ونوَّما

لوى دَينهم أيدي النوائب فاقتضوا

بأيدي المهارَى تنفخُ النجحَ والدَّمَا

حنايا إِذا قرطسن أغراضَ مهمهٍ

مرقنَ به من جلدة الليل أسهُما

تخالسن وطءَ البِيدِ حتى كأنَّما

تضمّنَ منها البيد ظنَّاً مرجَّما

ترى كلَّ مَوَّارِ الزمامِ كأنَّهُ

يطاولُ غصناً أو يطاردُ أرقما

يفضّضُ منه باللغامِ مخطَّماً

ويُذهبُ منه بالنجيعِ مخدَّما

سرَوا يطردون الليلَ عن متبلِّجٍ

من الصبحِ يهدي الناظرَ المتوسّما

تجهَّمَهُمْ وجهُ الزمانِ فألمعُوا

له بشهابِ الدين حتى تبسَّمَا

بذي صولةٍ نكراءَ لم تُبْقِ مجرماً

وذي راحةٍ وطفاء لم تُبقِ مُعْدِما

طَموحٌ إِلى العلياء يقدمُ همُّهُ

على المجدِ حتى لا يَرى متقدِّما

تساهم فيه الجودُ والبأس فاقتدَى

به الدهرُ بؤسى في الرجالِ وأنْعُمَا

أخو فتَكاتٍ يشغلُ القِرنَ خطفُها

عن الحسِّ حتى لا يرى الضربَ مؤلِما

من القومِ حنَّ المُلكُ مذ عهدِ آدمٍ

إليهمْ فوافاهم مُقيماً مخيِّما

وما فاتهمْ في أولِ الدهرِ عن قِلىً

ولكن رأى الشيءَ المبيَّتَ أدوَما

إِذا لمحوا بالمُلكِ ثلماً تبادروا

إليه يزجّونَ الصفيحَ المثلَّما

لهم دارتِ الأفلاكُ طوعاً وأظهرتْ

لخدمتهمْ في صفحةِ البدرِ ميسمَا

هُمُ أضرعُوا خَدَّ الزمانِ لعزِّهم

وحاموا على العَلياءِ أن تتهَضَّمَا

فأقْسمُ لولا البِشرُ في صَفَحاتِه

لأضحَى أديمُ اليومِ أربدَ أقتما

ولولا حنانٌ فيه عند انتقامِه

لصار جَنَى النحلِ الذعافَ المسمَّما

ولولا ندَى كفَّيهِ أشعلَ بأسُهُ

إِذا طاردَ القِرنَ الوشيجَ المقوَّما

رمى نظرةً نحوَ العِدَى فتخاذلتْ

مفاصِلُهمْ منها لحوماً وأعظُمَا

وكرَّ بها نحوَ التِلادِ فأصبحتْ

بمدرجةِ العافينَ نهباً مقسَّمَا

شمائلُ مدلولٍ على طُرُقِ العُلَى

طلعْنَ على أفقِ المكارمِ أنجُمَا

إِذا نُسختْ من سُورةِ المجدِ آيةٌ

أتينَ بها وحْيَاً إليهنَّ مُحْكَما

يوالينَ جدّاً في السعودِ مخيَّرا

ويصحبنَ رأياً في الغُيوبِ مُحَكَّما

رأتْ جودَهُ شُهْبُ النجوم فحلَّقَتْ

مخافةَ أن تُعطَى فُرادَى وتوأمَا

فأولَى لها لو فازَ بالبدرِ كفُّهُ

إِذا لاستقلَّتْهُ لعافيهِ دِرهَما

ولا غرو إلّا بذله من كلامه

لأعناقنا الدُّرَّ الثمينَ المكرَّما

إِذا ما استقلتْ باليراع بنانُه

تأملتَ بحراً يُمطرُ الدُرَّ خِضْرَما

إليك شهابَ الدين وابنَ قِوامه

صليتُ مراحَ الأعوجيّ مطهَّما

أجلِّي بأغفالِ المجاهيل مُعْلَماً

وأهتم من رُدق الشيات مُحَزَّما

أطاوع فيك الشوقَ والنِّعَمَ التي

تراغِمُ حسَّاداً وتُسكتُ لُوَّما

فدونكَها غَّراءَ تُعجبُ مُعْرِقَاً

وتفتُنُ نجديَّاً وتونقُ مشئِمَا

خلعتُ عليها نورَ وجهِك فارتدتْ

رداءً من الإحسانِ بالكبر مُعْلَما

وإني لأرجو أن أقيمَ مملَّكا

لديكَ وأن تبقَى معافَىً مسلَّما

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الطغرائي

avatar

الطغرائي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Tughrai@

375

قصيدة

4

الاقتباسات

160

متابعين

الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو إسماعيل، مؤيد الدين، الأصبهاني الطغرائي. شاعر، من الوزراء الكتاب، كان ينعت بالأستاذ. ولد بأصبهان، واتصل بالسلطان مسعود بن محمد السلجوقي (صاحب ...

المزيد عن الطغرائي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة