الديوان » لبنان » ناصيف اليازجي » إن قلت ويحك فافعل أيها الرجل

عدد الابيات : 33

طباعة

إنْ قُلتَ وَيحكَ فافعلْ أيُّها الرَجُلُ

لا يَصدُقُ القَولُ حتَّى يشهَدَ العَمَلُ

تقولُ أسلُو الهَوَى والعينُ داميةٌ

وأترُكُ الشَّوقَ والأنفاسُ تَشتعِلُ

ما زِلتَ تَهوى الطُّلَى حتى أقامَ على

فَودَيكَ من لَونِها ما ليسَ يَرتحلُ

إذا كَساكَ بَياضُ الشَّيبِ رائعةً

تضاحَكَتْ من هَواك الأعيُنُ النُجُلُ

هيهاتِ ليسَ لأيَّامِ الصِّبا عِوَضٌ

حَتَّى يكُونَ لهُ من نفسهِ بَدَلُ

هيَ الحياةُ التي أبقت لنا طَرَفاً

كالدَّارِ يَبقَى لَنا من بَعدِها طَلَلُ

لِكُلِّ كأْسٍ شَرابٌ يُستَحَبُّ لها

وكلُّ عَصرٍ لهُ من أهلهِ دُوَلُ

أليَومَ قامَتْ فتاةُ المُلكِ بارزةً

وقامَ من قبلِها أسلافُها الأُوَلُ

فَرْعُ الأُصولِ التي مَرَّتْ وبَهجتُها

إنَّ الثِّمارَ منَ الأغصانِ تُبتَذلُ

يُستحسَنُ المُلكُ فيها والخُضوعُ لها

وليسَ يَحسُنُ فيها الجُبنُ والبَخَلُ

باهَى الرِّجالُ نِساءَ الدَّهرِ وافتخروا

حَتَّى أتَتْ فأصابَ المُدَّعي الخَجَلُ

إذا صَفا لكَ نُورُ الشَّمْس في فَلَكٍ

فما الذي تَفرُقُ الجَوْزاءُ والحَمَلُ

بَقيَّةٌ من مُلُوكِ الدَّهرِ قد ذُخرَت

وأفضَلُ الشَّيءِ ما يُخبَى فيُعتَزَلُ

في قلبِها خاتَمُ التَقْوَى وفي يَدِها

من خَاتَم المُلكِ ما يَجري بهِ المَثَلُ

تُدبِّرُ الأمرَ في أقطارِ مَملَكةٍ

كأنَّ أطرافها القُصوَى لها حِلَلُ

في كلِّ نَجْدٍ لها غَوْرٌ تُمهِّدُهُ

وكلُّ سَهلٍ بهِ من خَوفِها جَبَلُ

قد أدَّبَتْ كُلَّ نفسٍ في جَوانِبها

حَتَّى تأدَّبَ فيها الصَقْرُ والوَعِلُ

تَلوِي الرِّياحُ مثاني الرَّملِ عاصفةً

حتى تُصِيب أراضِيها فتَعْتَدِلُ

قدِ التَقَى الدِّينُ والدُّنيا بساحَتِها

كما الْتَقَى الكُحْلُ في الأجفانِ والكَحَلُ

في ظِلِّها لِلوَرَى من كلِّ طارقةٍ

أمنٌ وفي قلبِها من رَبِّها وَجَلُ

إذا انثَنَى صَوْلَجانُ المُلكِ في يَدِها

تَحطَّمَتْ منهُ بِيضُ الهِندِ والأسَلُ

تصمِي بأهدافِها الرَّامي ولو رَشَقَتْ

بأسْهُمِ الشُهْبِ عن قَوسِ الهَوَى ثُعَلُ

لها منَ الرأْي جَيشٌ تحتَ رايتِهِ

جيشٌ به تأمُرُ الدُنيا فتَمْتَثِلُ

يَظَلُّ في البحر من إطباقِهِ لُجَجٌ

تعلو وفي البَرِّ من إخفاقِهِ زَجَلُ

إذا سَقَى القومَ كأساً من وقائعهِ

كفاهمُ النَهْلُ أن يُستأنفَ العَلَلُ

افدِي التي لَبِست من مجدِ دَوْلتِها

تاجاً فهانَ عليها الحَلْيُ والحُلَلُ

صانَ القريضَ عن الدَعوَى تفرُّدُها

بين الكرائمِ حتى ليسَ يُنتَحلُ

قد هاجَ إلاَّ عليها الخُلفُ غارقةً

فيهِ المُلوكُ ولم يَلحَقْ بها بَلَلُ

كالشَّمسِ بينَ بُدورٍ لا يُلِمُّ بها

نقصُ البدورِ ولا يغْتالُها الطَفَلُ

قريرةُ العينِ تَرعَى المُلكَ ساهرةً

على العِبادِ فنامَتْ حَوْلها المُقَلُ

لمُشكِلِ الرأيِ في أجفانِها قمرٌ

يَدنُو ولو أنَّه في بُعدِهِ زُحلُ

يا مَنْ دَعاني إلى صَوْغِ الثناءِ لها

من صِيتها قد دَعَتْني قَبْلَكَ الرُسُلُ

لا يَمنَعُ البعدُ جَدواها وشُهرتهَا

إنّ الدَرارِي إلينا ضَوْءها يَصِلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ناصيف اليازجي

avatar

ناصيف اليازجي حساب موثق

لبنان

poet-nasif-al-yaziji@

479

قصيدة

5

الاقتباسات

146

متابعين

ناصيف بن عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط، الشهير باليازجي. شاعر، من كبار الأدباء في عصره. أصله من حمص (بسورية) ومولده في (كفر شيما) بلبنان، ووفاته ببيروت. استخدمه الأمير بشير ...

المزيد عن ناصيف اليازجي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة