الديوان » العصر المملوكي » ابن الخياط » خذا من صبا نجد أمانا لقلبه

عدد الابيات : 77

طباعة

خُذا مِنْ صَبا نَجْدٍ أَماناً لِقَلْبِهِ

فَقَدْ كادَ رَيّاها يَطِيرُ بِلُبِّهِ

وَإِيَاكُما ذاكَ النَّسِيمَ فَإِنَّهُ

إِذا هَبَّ كانَ الْوَجْدُ أَيْسَرُ خَطْبِهِ

خَلِيلَيَّ لَوْ أَحْبَبْتُما لَعلِمْتُما

مَحَلَّ الْهَوى مِنْ مُغْرَمِ الْقَلْبِ صَبِّهِ

تَذَكَّرَ وَالذِّكْرى تُشُوقُ وَذُو الْهَوى

يَتُوقُ وَمَنْ يَعْلَقْ بِهِ الْحُبُّ يُصْبِهِ

غَرامٌ عَلَى يَأْسِ الْهَوى وَرَجائِهِ

وَشَوْقٌ عَلى بُعْدِ الْمَزارِ وَقُرْبِهِ

وَفِي الرَّكْبِ مَطْوِيُّ الضُّلُوعِ عَلَى جَوىً

مَتى يَدْعُهُ داعِي الْغَرامِ يُلَبِّهِ

إِذا خطَرْتَ مِنْ جانِبِ الرَّمْلِ نَفْحَةٌ

تَضَمَّنَ مِنْها داءَهُ دُونَ صَحْبِهِ

وَمُحْتَجِبٍ بَيْنَ الأَسِنَّةِ مُعْرِضٍ

وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إِعْراضِهِ مِثْلُ حُجْبِهِ

أَغارُ إِذا آنَسْتُ فِي الْحَيِّ أَنَّةً

حِذاراً وَخَوْفاً أَنْ تَكُونَ لِحُبِّهِ

وَيَوْمَ الرِّضى وَالصَّبُّ يَحْمِلُ سُخْطَهُ

بِقَلْبٍ ضَعِيفٍ عَنْ تَحَمُّلِ عَتْبِهِ

جَلالِيَ بَرّاقَ الثَّنايا شَتِيتَها

وَحلأنِي عَنْ بارِدِ الْوِرْدِ عَذْبِهِ

كَأَنِّيَ لَمْ أَقْصُرْ بِهِ اللَّيْلَ زائِراً

تَحُولُ يَدِي بَيْنَ الْمِهادِ وَجَنْبِهِ

وَلا ذُقْتُ أمْناً مِنْ سَرارِ حُجُولِهِ

وَلا ارْتَعْتُ خَوْفاً مِنْ نَمِيمَةِ حَقْبِهِ

فَيا لَسَقامِي مِنْ هَوى مُتَجَنِّبٍ

بَكى عاذِلاهُ رَحْمَةً لِمُحِبِّهِ

وَمِنْ ساعَةٍ لِلْبَيْنِ غَيْرِ حَمِيدَةٍ

سَمَحْتُ بِطَلِّ الدَّمْعِ فِيها وَسَكْبِهِ

أَلا لَيْتَ أَنِّي لَمْ تَحُلْ بَيْنَ حاجِرٍ

وَبَيْنِي ذُرى أَعْلامِ رَضْوى وَهَضْبِهِ

وَلَيْتَ الرِّياحَ الرّائِحاتِ خَوالِصٌ

إِلَيَّ وَلَوْ لاقَيْنَ قَلْبِي بِكَرْبِهِ

أَهِيمُ إِلى ماءٍ بِبُرْقَةِ عاقِلٍ

ظَمِئْتُ عَلَى طُولِ الْوُرُودِ بِشُرْبِهِ

وَأسْتافُ حُرَّ الرَّمْلِ شَوْقاً إِلى اللِّوى

وَقَدْ أَوْدَعَتْنِي السُّقْمَ قُضْبانُ كثْبِهِ

وَلَسْتُ عَلَى وَجْدِي بِأَوَّلِ عاشِقٍ

أَصابَتْ سِهامُ الْحُبِّ حَبَّةَ قَلْبِهِ

صَبَرْتُ عَلَى وَعْكِ الزَّمانِ وَقَدْ أُرى

خَبِيراً بِداءِ الحادِثاتِ وَطِبِّهِ

وَأَعْرَضْتُ عَنْ غُرِّ الْقَوافِي وَمَنْطِقِي

مَلِيءٌ لِمُرْتادِ الْكَلامِ بِخِصْبِهِ

وَما عَزَّ نِي لَوْ شِئْتُ مَلْكٌ مُهَذَبُ

يَرى أَنَّ صَوْنَ الْحَمْدِ عَنْهُ كَسَبِّهِ

لَقَدْ طالَما هَوَّمْتُ فِي سِنَةِ الْكَرى

وَلا بُدَّ لِي مِنْ يَقْظَةِ الْمُتَنَبِّهِ

سأَلْقى بِعَضْبِ الدَّوْلَةِ الدَّهْرَ واثِقاً

بِأَمْضى شَباً مِنْ باتِرِ الْحَدِّ عَضْبِهِ

وَأَسْمُو عَنِ الآمالِ هَمَّاً وَهِمَّةً

سُمُوَّ جَمالِ الْمُلْكِ عَنْ كُلِّ مُشْبِهِ

هُوَ الْملْكُ يَدْعُو الْمُرْمِلِينَ سَماحُهُ

إِلى واسِعٍ باعَ الْمَكارِمِ رَحْبِهِ

يُعَنَّفُ مَنْ لَمْ يَأْتِهِ يَوْمَ جُودِهِ

وَيُعْذَرُ مَنْ لَمْ يَلْقَهُ يَوْمَ حَرْبِهِ

كَأَنِّي إِذا حَيَّيْتَهُ بِصِفاتِهِ

أَمُتُّ إِلى بَدْرِ السَّماءِ بِشُهْبِهِ

هُوَ السَّيْفُ يُغْشِي ناظِراً عِنْدَ سَلِّهِ

بِهاءً وَيُرْضِي فاتِكاً يَوْمَ ضَرْبِهِ

يَرُوقُ جَمالاً أَوْ يَرُوعُ مَهابَةً

كَصَفْحِ الْحُسامِ الْمَشْرَفِيِّ وَغَرْبِهِ

هُمامٌ إِذا أَجْرى لِغايَةِ سُؤْدُدٍ

أَضَلَّكَ عَنْ شَدِّ الْجَوادِ وَخَبِّهِ

تَخَطّى إِلَيْها وادِعاً وَكَأَنَّهُ

تَمَطّى عَلَى جُرْدِ الرِّهانِ وَقُبِّهِ

وَما أَبَقٌ إِلا حَياً مُتَهَلِّلٌ

إِذا جادَ لَمْ تُقْلِعْ مَواطِرُ سُحْبِهِ

أَغَرُّ غِياثٌ لِلأَنامِ وَعِصْمَةٌ

يُعاشُ بِنُعْماهُ ويُحْمى بِذَبِّهِ

يَقُولُونَ تِرْبٌ لِلْغَمامِ وإِنَّما

رَجاءُ الْغَمامِ أَنْ يُعَدَّ كَتِرْبِهِ

فَتىً لَمْ يَبِتْ وَالْمَجْدُ مِنْ غَيْرِ هَمِّهِ

وَلَمْ يَحْتَرِفْ وَالْحَمْدُ مِنْ غِيْرِ كَسْبِهِ

وَلَمْ يُرَ يَوْماً راجِياً غَيْرَ سَيْفِهِ

وَلَمْ يُرَ يَوْماً خائِفاً غَيْرَ رَبِّهِ

تَنَزَّهَ عَنْ نَيْلِ الْغِنى بِضَراعَةٍ

وَلَيْسَ طَعامُ اللَّيْثِ إِلاّ بِغَصْبِهِ

أَلا رُبَّ باغٍ كانَ حاسِمَ فَقْرِهِ

وَباغٍ عَلَيْهِ كانَ قاصِمَ صُلْبِهِ

وَيَومِ فَخارٍ قَدْ حَوى خَصْلَ مَجْدِهِ

وَأَعْداؤُهُ فِيما ادَّعاهُ كَحِزْبِهِ

هُوَ السَّيْفُ لا تَلْقاهُ إِلاّ مُؤَهَّلاً

لإيجابِ عِزٍّ قاهِرٍ أَوْ لِسَلْبِهِ

مِنَ الْقَوْمِ راضَوا الدَّهْرَ وَالدَّهْرُ جامِحٌ

فَراضُوهُ حَتى سَكَّنُوا حَدَّ شَغْبِهِ

بِحارٌ إِذا أَنْحَتْ لَوازِبُ مَحْلِهِ

جِبالٌ إِذا هَبَّتْ زَعازِعُ نُكْبِهِ

إِذا وَهَبُوا جادَ الْغَمامُ بِصَوْبِهِ

وَإِن غَضِبُوا جاءَ الْعَرِينُ بِغُلْبِهِ

إِذا ما وَرَدْتَ اْعِزَّ يَوْماً بِنَصْرِهِمْ

أَمَلَّكَ مِنْ رَشْفِ النَّمِيرِ وَعَبِّهِ

أَجابَكَ خَطِّيُّ الْوَشِيجِ بِلُدْنِهِ

وَلَبّاكَ هِنْدِيُّ الْحَدِيدِ بِقُضْبِهِ

أُعِيدَ لَهُمْ مَجْدٌ عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَما

مَضى بِقَبِيلِ الْمَجْدِ مِنْهُمْ وَشَعْبِهِ

بِأرْوَعَ لا تَعْيا لَدَيْهِ بِمَطْلَبٍ

سِوى شَكْلِهِ فِي الْعالَمِينَ وَضَرْبِهِ

تُرَوِّضُ قَبْلَ الرَّوْضِ أَخْلاقُهُ الثَّرى

وَتَبْعَثُ قَبْلَ السُّكْرِ سُكْراً لِشَرْبِهِ

وَتَفْخُرُ دارٌ حَلَّها بِمٌقامِهِ

وَتَشْرُفُ أَرْضٌ مَرَّ فِيها بِرَكْبِهِ

وَلَمّا دَعَتْهُ عَنْ دِمَشْقَ عَزِيمَةٌ

أَبى أَنْ يُخِلَّ الْبَدْرُ فِيها بِقُطْبِهِ

تَرَحَّلَ عَنْها فَهْيَ كاسِفَةٌ لَهُ

وَعادَ إِلَيْها فَهْيَ مُشْرِقَةٌ بِهِ

وَإِنَّ مَحَلاً أُوطِئَتْهُ جِيادُهُ

لَحَقَ عَلَى الأَفْواهِ تَقْبِيلُ تُرْبِهِ

رَأَيْتُكَ بَيْنَ الْحَزْمِ وَالْجُودِ قائِماً

مَقامَ فَتى الْمَجْدِ الصَّمِيمِ وَنَدْبِهِ

فَمِنْ غِبِّ رَأْيٍ لا تُساءُ بِوِرْدِهِ

وَمِنْ وِرْدِ جُودٍ لا تُسَرُّ بِغِبِّهِ

وَلَمّا اسْتَطالَ الخَطْبُِ قَصَّرْتَ باعَهُ

فَعادَ وَجِدُّ الدَّهْرِ فِيهِ كَلَعِبِه

وَما كانَ إِلاّ الْعَرَّ دَبَّ دَبِيبُهُ

فَأَمَّنْتَ أَنْ تُعْدى الصِّحاحُ بِجُرْبِهِ

وَصَدْعاً مِنَ الْمُلْكِ اسْتَغاثَ بِكَ الْوَرى

إِلَيْهِ فَما أَرْجَأْتَ فِي لَمِّ شِعْبِهِ

فَغاضَ أَتِيٌّ كُنْتَ خائِضَ غَمْرِهِ

وَأَصْحَبَ خَطْبٌ كُنْتَ رائِضَ صَعْبِهِ

حُبِيتَ حَياءً فِي سَماحٍ كَأَنَّهُ

رَبِيعٌ يَزِينُ النَّوْرُ ناضِرَ عُشْبِهِ

وَأَكْثَرْتَ حُسّادَ الْعُفاةِ بِنائِلٍ

مَتى ما يُغِرْ يَوْماً عَلى الْحَمْدِ يَسْبِهِ

مَناقِبُ يُنْسِيكَ الْقَدِيمَ حَدِيثُها

وَيَخْجَلُ صَدْرُ الدَّهْرِ فِيها بِعُقْبِهِ

لَئِنْ خَصَّ مِنْكَ الْفَخْرُ ساداتِ فُرْسِهِ

لَقَدْ عَمَّ مِنْكَ الْجُودُ سائِرَ عُرْبِهِ

إِذا ما هَزَزْتُ الدَّهْرَ بِاسْمِكَ مادَحاً

تَتَثّنّى تَثَنِّي ناضِرِ الْعُودِ رَطْبِهِ

وَإِنَّ زَماناً أَنْتَ مِنْ حَسَناتِهِ

حَقِيقٌ بِأَنْ يَخْتالَ مِنْ فَرطِ عُجْبِهِ

مَضى زَمَنٌ قَدْ كانَ بالْبٌعْدِ مُذْنِباً

وَحَسْبِي بِهذا الْقُرْبِ عُذْراً لِذَنْبِهِ

وَما كُنْتُ بَعْدَ الْبَيْنِ إِلاّ كَمُصْرِمٍ

تَذَكَّرَ عَهْدَ الرَّوْضِ أَيامَ جَدْبِهِ

وَعِنْدِي عَلَى الْعِلاّتِ دَرُّ قَرائِحٍ

حَوى زُبَدَ الأَشْعارِ ما خِضُ وَطْبِهِ

وَمَيْدانُ فِكْرٍ لا يُحازُ لَهُ مَدىً

وَلا يَبْلُغُ الإِسْهابُ غايَةَ سَهْبِهِ

يُصَرِّفُ فِيهِ الْقَوْلَ فارِسُ مَنْطِقٍ

بَصِيرٌ بِإِرْخاءِ الْعِنانِ وَجَذْبِهِ

وَغَرّاءُ مَيَّزْتُ الطَّوِيلَ بِخَفْضِها

فَطالَ عَلَى رَفْعِ الْكَلامِ وَنَصْبِهِ

مِنَ الزُّهْرِ لا يُلْفَيْنَ إِلاّ كَواكباً

طَوالِعَ فِي شَرْقِ الزَّمانِ وَغَرْبِهِ

حَوالِيَ مِنْ حُرِّ الثَّناءِ وَدُرِّهِ

كَواسِيَ مِنْ وَشْيِ الْقَرِيضِ وَعصْبِهِ

خَطَبْتَ فَلَمْ يَحجُبْكَ عَنْها وَلِيُّها

إِذا رُدَّ عَنْها خاطِبٌ غَيْرَ خِطْبِهِ

ذَخَرْتُ لَكَ الْمَدْحُ الشَّرِيفَ وَإِنَّما

عَلَى قَدْرِ فَضْلِ الزَّنْدِ قِيمَةُ قُلْبِهِ

فَجُدْهُ بِصَوْنٍ عَنْ سِواكَ وَحَسْبُهُ

مِنَ الصَّوْنِ أَنْ تُغْرِي السَّماحَ بِنَهْبِهِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الخياط

avatar

ابن الخياط حساب موثق

العصر المملوكي

poet-ibn-al-Khayyat@

152

قصيدة

1

الاقتباسات

66

متابعين

أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، أبو عبد الله، المعروف بابن الخياط. شاعر، من الكتاب، من أهل دمشق، مولده ووفاته فيها. طاف البلاد يمتدح الناس، ودخل بلاد العجم، ...

المزيد عن ابن الخياط

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة