الديوان » العصر العباسي » ابن نباتة السعدي » تعجب من إيماضنا بالمناسم

عدد الابيات : 46

طباعة

تعجَّبَ من إيماضِنا بالمَناسِمِ

ورُبَّ ابتسامٍ عن عِضاضِ الأباهِمِ

عشيّةَ شَنّ البينُ الحيّ غارةً

تكدَّسَ من عذالنا واللوائمِ

فجئنا حَيارى نحسَبُ الضربَ شاقَهُ

وقد عصفَتْ أيمانُنا بالقوائِمِ

ولجلجَ عَمروٌ نظرةً لَجْلَجَتْ بها

لواحظُهُ فيض الدموعِ السّواجِمِ

فقلتُ له لا تبْكِ للبينِ إنّنا

خُلِقنا له خَلقَ القَنا للمهازِمِ

لقيتُ من الأيّامِ كلَّ غَريبةٍ

تُشككُ حَولاً راحتي بالبراجِمِ

ولا مِثلَ ليلٍ بالعِراقِ سَهرتُهُ

أفتشُ عن أهلِ الحِمى كلَّ ناسِمِ

تمرُّ الصَبا لم تسْبِ تُربةَ أرضهمْ

فتلفَحُني من وهجِها بسَمائمِ

يُخيَّلُ لي أنّ النجومَ أسنّةٌ

يُنَهْنِهُ عنها البرقُ سلَّ صَوارِمِ

وأنّ الكَرى سهمٌ إلى كلِّ مُقلَةٍ

تَرقرَقَ فيها والرّدى طيفُ حالِمِ

كأنّ الدُّجى مالت عليهِ كَتيبَةٌ

فنبّه من أهوالِهِ كلَّ نائِمِ

إلى أنْ سَرى نشرُ الحبيبِ فصافحتْ

بهِ الصُّبحَ أنفاسُ الرياحِ الهواجِمِ

إليكَ صَحِبنا اليومَ ترعدُ شمسُه

وحيرةَ ليلٍ أسودِ النجمِ فاحِمِ

ودَهْراً سمتْ حيتانُهُ في سمائِهِ

وأنجُمُهُ في بحرِهِ المتلاطِمِ

أبى صدُّهُ أنْ يستَجِفَّ عتابُنا

وما الظلمُ فيهِ غيرُ شكوى المَظالِمِ

وطعناً منحناه النّحورَ وحاجةً

أنِفنا لها أنْ تُقْتَضى بالخَصائِمِ

وثَبنا لها وثبَ السّيوفِ وشمّرَتْ

بِنا أريحاتُ العُلا والمَكارِمِ

إلى أنْ تَحامتنا الفَلاةُ فحاولتْ

من العيشِ إلحاقَ الذُرى بالمَناسِمِ

فإنْ تكن البيداُ لاكتْ رِكابَنا

فقد لفظتْ منّا شجىً في الحَلاقِمِ

تكون بها أنفاسُنا وحديثُنا

مدائِحَ حمدانَ المليكِ القُماقِمِ

ويعجِبُها ألاّ تُفَتِّرَ ذِكْرَهُ

فقد جسَدَتْ أفواهُنا للخَياشِمِ

فتىً لم يرقْ ماءَ الشّبيبةِ شَعْرُهُ

على الخَدِّ حتى رامَ شمَّ المَراوِمِ

فكابَرَ فيها خَمسَ عشرةَ حِجّةً

إلى المجدِ دفاعاً صدورَ العَظائمِ

أَخو الحربِ يَثنى حدَّها وهو صارمٌ

ويسلَمُ منها والقَنا غير سالِمِ

إذا راحَ فيها مُعْلَماً بقَناتِهِ

فلا معلَمٌ إلاّ بماءِ الحَيازِمِ

يجودُ بما من أجلِهِ يُؤثِرُ النّدى

إذا القومُ شَحّوا بالنفوسِ الكرائِمِ

فتىً لا يَرى أنّ الهمومَ مصائِبٌ

وأنّ سرورَ العيشِ ضربةُ لازِمِ

يُؤَمِّلُ في أموالِهِ كلُّ آمِلٍ

ويُرحمُ من أسْيافِهِ كلُّ راحِمِ

إذا السّيفُ لم يستنزلِ الهامَ لمعُهُ

فما هو من آرائِهِ والعَزائمِ

رجاكَ كريمٌ لا يَخيبُ رَجاؤهُ

وشامكَ طرْفٌ للنّدى غيرُ شائمِ

وبادر من برديكَ صوبَ غَمامةٍ

يَدومُ ومُنْهَلُّ الحَيا غيرُ دائِمِ

فلم أدرِ أنّ المَنعَ قَبلكَ مُغْرَمٌ

وأنّ عطاءَ المالِ إحدى المَغانِمِ

يَبيعُ الفَتى أطماعَهُ بوفائِهِ

وقد باتَ مجهوداً زهيدَ المَطاعِمِ

أرى الدّهْرَ يُعطى بعضَ ما هو آخِذٌ

مغانمهُ مسلوبةٌ بالمَغارِمِ

ألا أنّ أملاكَ البلادِ فرائِسٌ

لوثبةِ مفتولِ الذّراعِ ضبارِمِ

هُمامٌ إذا خاضَ القَنا ظنّ أنّهُ

من الطّعْنِ في درعٍ من الموتِ عاصمِ

فقم يا بن قوّامٍ على جَمراتِها

إذا ما المَنايا أقعدتْ كلَّ قائمِ

فقد كشَفَتْ أرضُ العِراقِ قِناعَها

وحَنّ إليكَ الشّامُ تَحنانَ رائِمِ

وقد علِمَ الأعداءُ أنّ سُيوفَهم

تُسَلُّ على أعناقِهم والمَعاصِمِ

هُمُ جرّدُوها والوجوهُ دَويّةٌ

فما بدّلوا أغمادَها بالجَماجِمِ

وأضيقُ من آثارِ طعنِكَ فيهُمُ

يُعلِّمُهُم كيفَ انتهازُ الهَزائمِ

ليهنِكَ جَدٌّ يفلِقُ الصّخْرَ حَدُّهُ

ويهتِكُ صدرَ الجحفَلِ المُتلاحِمِ

وإنكَ لا تَلقى النّدى غيرَ باسمٍ

إليهِ ولا صرفَ الرّدى غيرَ حازِمِ

وإنّ محلاً رُحْتَ فيهِ ومنزِلاً

تَصيدُ ظُباهُ للأسودِ الضّراغِمِ

حماهُ طِرادُ الخيلِ يغضِبُها الظُّبا

إذا أُفرِدَتْ فرسانُها بالأمائمِ

وكلُّ غُلامٍ يحسَبُ الموتَ مَغْنَماً

يَخافُ عليهِ الفوتَ إنْ لم يُزاحِمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن نباتة السعدي

avatar

ابن نباتة السعدي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Ibn-Nabata-Al-Saadi@

291

قصيدة

92

متابعين

عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة التميمي السعدي، أبو نصر. من شعراء سيف الدولة ابن حمدان. طاف البلاد، ومدح الملوك، واتصل بابن العميد (في الري) ومدحه. قال أبو ...

المزيد عن ابن نباتة السعدي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة