فَاِحمِلِ النَفسَ عَلى مَكروهِها
إِنَّ حُلوَ العَيشِ مَحفوفٌ بِمُر
وَما الشَوقُ إِلّا لَوعَةٌ إِثرَ لَوعَةٍ
وَغَزرٌ مِنَ الآماقِ يَتبَعُها غُزرُ
وَإِذا أَقولُ صَحَوتُ مِن أَدوائِها
هاجَ الفُؤادَ دُمىً أَوانِسُ حورُ
وَإِذا نَصَبنَ قُرونَهُنَّ لِغَدرَةٍ
فَكَأَنَّما حَلَّت لَهُنَّ نُذورُ
وَأَنَّ الهَوى في لَحظِ عَينِكَ كامِنٌ
كُمونَ المَنايا في الحُسامِ المُهَنَّدِ
أَظَلُّ وَيَومي فيكَ هَجرٌ وَوَحشَةٌ
وَيَومي بِحَمدِ اللَهِ أَحسَنُ مِن غَدي
ظَمِئتُ فَلَم أَظمَأ إِلى بَردِ مَشرَبٍ
وَلَكِن إِلى وَجهِ الحَبيبِ ظَميتُ
وَقَد وَعَدَتنا نائِلاً ثُمَّ أَخلَفَت
وَقالَت لَنا يَومَ الفِراقِ نَسيتُ
فَإِن كُنتَ تَهوى أَو تُريدُ لِقاءَنا
عَلى خَلوَةٍ فَاِضرِب لَنا مِنكَ مَوعِدا
أُراعي نُجومَ اللَيلِ حُبّاً لِبَدرِهِ
وَلَستُ كَما ظَنَّ الخَلِيُّ مُنَجِّما
وَما راعَني إِلّا تَبَسُّمُ شَيبَةٍ
نَكَرتُ لَها وَجهَ الفَتاةِ تَجَهُّما
بَلى أَنا مُشتاقٌ وَعِندِيَ لَوعَةٌ
وَلَكِنَّ مِثلي لايُذاعُ لَهُ سِرُّ
إِذا اللَيلُ أَضواني بَسَطتُ يَدَ الهَوى
وَأَذلَلتُ دَمعاً مِن خَلائِقِهِ الكِبرُ
أَنتِ النَعيمُ لِقَلبي وَالعَذابُ لَهُ
فَما أَمَرُّكِ في قَلبي وَأَحلاكِ
عِندي رَسائِلُ شَوقٍ لَستُ أَذكُرُها
لَولا الرَقيبُ لَقَد بَلَّغتُها فاكِ
فَما الحُبُّ إِن ضاعَفتُهُ لَكَ باطِلٌ
وَلا الدَمعُ إِن أَفنَيتُهُ فيكَ ضائِعُ
وَغَيرُكَ إِن وافى فَما أَنا ناظِرٌ
إِلَيهِ وَإِن نادى فَما أَنَ سامِعُ
كَأَنَّ سُهادَ اللَيلِ يَعشَقُ مُقلَتي
فَبَينَهُما في كُلِّ هَجرٍ لَنا وَصلُ
أُحِبُّ الَّتي في البَدرِ مِنها مَشابِهٌ
وَأَشكو إِلى مَن لا يُصابُ لَهُ شَكلُ
وَبي شَوقٌ إِلَيكَ أَعَلَّ قَلبي
وَما لي غَيرَ قُربِكَ مِن طَبيبِ
أَغارُ عَلَيكَ مِن خَلواتِ غَيري
كَما غارَ المُحِبُّ عَلى الحَبيبِ
أَلا لَيتَ عَيني قَد رَأَت مَن رَآكُمُ
لَعَلِّيَ أَسلو ساعَةً مِن هُيامِيا
وَهَيهاتَ أَن أَسلو مِنَ الحُزنِ وَالهَوى
وَهَذا قَميصي مِن جَوى البَينِ بالِيا
وَلَو أَنّي اِستَطَعتُ لَتُبتُ عَنهُ
وَلَكِن كَيفَ عَن روحي المَتابُ
وَلي قَلبٌ بِأَن يَهوى يُجازى
وَمالِكُهُ بِأَن يَجني يُثابُ
تَتوقُ إِلَيكِ النَفسُ ثُمَّ أَرُدُّها
حَياءً وَمِثلي بِالحَياءِ حَقيقُ
أَذودُ سَوامَ النَفسِ عَنكِ وَمالَهُ
عَلى أَحَدٍ إِلّا عَلَيكِ طَريقُ
وَإِن طَنَّتِ الأُذنانِ قُلتُ ذَكَرتِني
وَإِن خَلَجَت عَيني رَجَوتُ التَلاقِيا
أَيا عَزَّ صادي القَلبَ حَتّى يَوَدَّني
فُؤادُكِ أَو رُدّي عَلَيَّ فُؤادِيا
رُبَّ أَمرٍ كُنتُ لَمّا كانَ عِندي أَتَّقيهِ
بِتُّ لَمّا غابَ عَنّي وَتَوارى أَشتَهيهِ
ما الَّذي حَبَّبَهُ عِندي وَما بَغَّضَنيهِ
أَأَنا الشَخصُ الَّذي أَعرَضَ عَنهُ؟
لَستُ أَدري
إِنَّ الحَبيبَ الَّذي هامَ الفُؤادُ بِهِ
يَنامُ عَن طولِ لَيلٍ أَنتَ ساهِرُهُ
ما أَنسَ لا أَنسَ يَومَ البَينِ مَوقِفَنا
وَالشَوقُ يَنهى البُكى عَنّي وَيَأمُرُهُ
وَقَد يَجمَعِ اللَهُ الشَتيتَينِ بَعدَ ما
يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَلّا تَلاقِيا
تَساقَطُ نَفسي حينَ أَلقاكِ أَنفُساً
يَرِدنَ فَما يَصدُرنَ إِلّا صَوادِيا
متى ستعرف كم أهواك يا رجل
أبيع من أجله الدنيـــا وما فيها
يا من تحديت في حبي له مدن
بحالهــا وسأمضي في تحديهـا
لو تطلب البحر في عينيك أسكبه
أو تطلب الشمس في كفيك أرميها