الديوان » لبنان » عبد الحميد الرافعي » سكرت بخمرة السر القديم

عدد الابيات : 41

طباعة

سكرت بخمرة السرّ القديم

ولكن من يدي ساقٍ كريم

لقد رقصت بها الأرواحُ أنساً

وما أدراك ما حالُ الجسوم

سلوا الساقي وأقداحَ الندامى

أيَصحو هائمُ القلب الكليم؟

شربناها ولا حرجٌ علينا

فيا سكرى وما أنا بالأثيم

إذا الراووق نادانا سَحيراً

تفتّح في الحشا سمعُ الكُلوم

ولبّته نفوسٌ في قلوبٍ

تَحنّ لنغمة الصوت الرخيم

وكم ناديت والأقوامُ صرعى

نديمي يا نديمي يا نديمي

تنبّه للغبوق فدتك روحي

فقد قرب الصباح من الهجوم

فقام يهزّ قدّاً في هواهُ

مشيتُ على الصراط المستقيم

وما زلنا نحثّ الكأس حتى

تركنا الدنّ ذا كشحٍ هضيم

فيا لله هاتيك الليالي

بحيث الشمل كالثغر البسيم

بكت ساعاتها الأقمارُ فانظر

جبين البدر أصبح كاللطيم

لئن ضنّ الزمان بها علينا

فتلك عوائد الزمن الظلوم

رويدك أيها اللاحي لتدري

أيُصغي يا ترى سمعُ الملوم؟

تؤمّل في ظلام العذل رشدي

أأرجو النصح من ليلٍ بهيم؟

وتسأل ويك عن أسباب سقمي

ودمعي جاء بالنبأ العظيم

أحبّ أعزّةً يا عزّ روحي

إذا التفتوا ودع ذكر الظليم

أدر لي راحَ ذكراهم فإني

على لهفٍ لترياقِ السموم

وكرّرها بحقك يا حياتي

ولا عاشت بُنيات الكروم

وغنّ لي عراقاً في حجازٍ

وقل: يا مهجة العشّاق هيمي

أبيتُ وبعض ما بي من لهيبٍ

كنارِ قُرىً إلى الفضل العميم

بني الزهراء أنواءُ العطايا

وحرّ الجدب يلفح كالسموم

لآلي السلك في نسب عليٍّ

كريمٍ من كريمٍ من كريم

هم حصني وهم سيفُ اعتمادي

أصولُ به على الدهر الخصيم

أما والله لولاهم لأمسى

حفاظُ العهد مندرسَ الرسوم

ولي منهم بحمد الله شيخٌ

أناديه لدى الخطب الجسيم

رفاعيٌّ جليلٌ هاشميٌّ

بمَجلى ذلك الصدر الحليم

أقام من السلوك لنا طريقاً

محرّرةً على النهج القويم

بأنوار الشريعة قد أضاءت

وكلّل أوجَها فتحُ العليم

إذا ناديته ابشرْ بنجاحٍ

ولو حاولت معجزةَ الكليم

فكم لعُلاه ما بين البرايا

براهين كصبحٍ مستديم

أبا العلمين يا شيخ العريجا

أغثْ من خاض في لججِ الهموم

أسيرَ البين نائيَ الدار مالي

سوى دمعي المرقرق من حميم

أحاول بالسرى نيلَ الأماني

وسوءُ الحظ من بعض الخصوم

ويا ويلاه من شوقٍ رماني

بسهمٍ مقعدٍ وجوىً مقيم

خفوقُ حشاشةٍ في نوء دمعٍ

أتدري كيف أيامُ الحسوم؟

فَقُم يا كاشف الجليّ بنصري

فمالي طاقةُ الكرب الأليم

ولاحِظْ ظاهري فضلاً وسرّي

وقل: يا نعمة الإيمان دومي

عليك أجلّ تسليمٍ شذّي

برضوانٍ من البرّ الرحيم

وآلت أنجمُ الإرشاد فينا

وأقمارُ الفضائل والعلوم

مدى الأيام ما نادى محبٌّ

سكرت بخمرة السرّ القديم

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الحميد الرافعي

avatar

عبد الحميد الرافعي

لبنان

poet-Abdulhamid-Al-Rifai@

92

قصيدة

5

الاقتباسات

0

متابعين

عبد الحميد بن عبد الغني الرافعي الفاروقي (1851 - 1932) م. شاعرٌ وكاتبٌ وصحفيٌّ وسياسيٌّ لبناني، لُقِّب بـ"بلبل سورية"، وعُدّ من أعلام الأدب العربي في عصره. وُلد في مدينة طرابلس بلبنان يوم ...

المزيد عن عبد الحميد الرافعي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة