الديوان » العصر الايوبي » سبط ابن التعاويذي » أتظنني ما عشت أنعم بالا

عدد الابيات : 78

طباعة

أَتَظُنُّني ما عِشتُ أَنعَمُ بالا

هَيهاتَ ذِلُّ العَيشِ بَعدَكَ زالا

غادَرتَني غَرَضَ النَوائِبِ أَلتَقي

مِنها بِصَدري أَسهُماً وَنِصالا

وَحدي عَلى أَنَّ الرِجالَ كَثيرَةٌ

حَولي وَما كُلُّ الرِجالِ رِجالا

أَنا رَهنُ مَظَلِمَةٍ بِحُفرَتِكَ الَّتي

ضاقَت فَلا ضاقَت عَلَيكَ مَجالا

مُتَوَجِّعٌ وَجِلٌ وَأَنتَ بِمَعزِلٍ

أَن تَعرِفَ الأَوجاعَ وَالأَوجالا

جاوَرتُ مَن يَجفو الصَديقَ وَأَنتَ في

دارٍ تُجاوِرُ مُنعِماً مِفضالا

فَلَوِ اِطَّلَعتَ عَلَيَّ يا اِبنَ مُحَمَّدٍ

لَعَلِمتَ أَنّي مِنكَ أَسوَأُ حالا

مالي وَلِلسَرّاءِ بَعدَ مَعاشِرٍ

صَدَقوا هَوىً فَتَقارَبوا آجالا

زُهرٍ أُوَدِّعُ كُلَّ يَومٍ مِنهُمُ

قَمَراً وَأودِعُ في الصَعيدِ هِلالا

إِخوانُ صِدقٍ شَرَّدوا بِفِراقِهِم

نَومي وَكانوا لِلسُرورِ عِقالا

كانوا الأُسودَ مَهابَةً وَحَمِيَّةً

وَالسُحبَ جَوداً وَالبُدورَ كَمالا

نَزَلوا الهَواجِرَ بِالقَواءِ وَعَطَّلوا

جَنّاتِ عَدنٍ دونَها وَظِلالا

وَنَأَت بِهِم دارُ النَعيمِ فَأَزمَعوا

عَنها إِلى دارِ البِلا تِرحالا

وَرَماهُمُ بِصَوائِبٍ مِن كَيدِهِ

رَيبُ الزَمانِ فَزُلزِلوا زِلزالا

وَدَعَتهُمُ رُسُلُ المَنونِ فَأَوجَفوا

يَتَتابَعونَ إِلى الرَدى أَرسالا

فَكأَنَّهُمُ ظَنوا الحِمامَ دَعاهُمُ

لِمُلِمَّةٍ فَمَشوا إِلَيهِ عِجالا

بِأَبي وُجوهُهُم النَواضِرُ عِزُّها

أَمسى بِرَغمي في التُرابِ مُذَالا

بانوا وَأَبقوَا في ضُلوعي زَفرَةً

تَرقى وَمِلءَ جَوانِحي بَلبالا

يُذكي ضِرامُ النارِ مِنها شُعلَةً

ماءُ الدُموعِ تَزيدُها إِشعالا

سَكَنوا الثَرى وَرَجَعتُ أَسآلُ عَنهُمُ ال

آثارَ لَو كانَت تُجيبُ سُؤالا

هُم خَلَّفوني بَعدَهُم ذا حيرَةٍ

أَبكي الرُسومَ وَأَندُبُ الأَطلالا

لَم تَقنَعِ الأَيّامُ لا قَنِعَت بِأَن

نَسَفَت بُحوراً مِنهُمُ وَجِبالا

حَتّى رَمَتني في الوَزيرِ بِحادِثٍ

عَزَّ العَزاءُ عَلَيَّ فيهِ مَنالا

كَرَّت عَلَيَّ فَأَجهَرَت بِمُصابِ مَن

تَرَكَ الدُموعَ مُصابُهُ أَوشالا

مَن كانَ لِلإِسلامِ مَجداً باذِخاً

وَلِمَنصَبِ الدينِ الحَنيفِ جَلالا

قِرنٌ إِذا اِغتَصَّت مَجالِسُهُ شَفا

بِعَطائِهِ وَبَيانِهِ السُؤآلا

القاتِلُ الوَهّابُ لا حَرِجٌ إِذا

أَعطى وَلا حَصِرٌ إِذا ما قالا

قَد كُنتُ أَطرُدُ كُلَّ هَولٍ بِاِسمِهِ

حَتّى رَكِبتُ بِمَوتِهِ الأَهوالا

أَردى جَلالَ الدينِ خَطبٌ طالَ ما

أَردى المُلوكَ وَدَوَّخَ الأَقيالا

خَطبٌ يُزيلُ عَنِ الفَرائِسِ أُسدَها

وَيُزِلُّ عَن هَضَباتِها الأَوعالا

أَودى فَكادَت أَن تَميلَ بِأَهلِها

أَرضٌ تَوَسَّدُ تُربَها إِجلالا

إِن رابَهُ رَيبُ المَنونِ فَقَبلَهُ

هَجَمَ الحِمامُ عَلى الكِرامِ وَغالا

لِلَّهِ أَيُّ عُبابِ بَحرٍ غاضَ يَو

مَ ثَوى وَأَيُّ عِمادِ فَخرٍ مالا

مَن يَكشِفُ الغَمّاءَ إِن نَزَلَت وَمَن

يُمسي لِكُّلِ عَظيمَةٍ حَمّالا

مَن يَلبَسُ السَردَ المُضاعَفَ في الوَغى

وَالحَمدَ في يَومِ النَدى سِربالا

مَن لِلقُرومِ البُزلِ يَصدُقُها إِذا

سَأَلَت قِراعاً بِالقَنا وَنِزالا

وَلِذُبَّلٍ تَحتَ العَجاجِ كَأَنَّما

أَرفَعنَ مِن خِرصانِها ذُبّالا

مَن يُخمِدُ الحَربَ العَوانَ بِنارِهِ

يُردي الكُماةَ وَيَحطِمُ الأَبطالا

مَن لِلمُغيراتِ الجِيادِ يَرُدُّها

طَرداً عَلى أَعقابِها جُفّالا

يَبتَزُّها الآسادَ مِن صَهواتِها

غُلباً وَتُلبِسُها الدِماءَ جِلالا

مَن يَمتَطيها كَالذِئابِ عَوابِساً

قُبّاً وَيوطِئُها القَنا العَسّالا

مَن يَنتَضي الأَقلامَ صامِتَةً فَيُع

ديها لِساناً قاطِعاً وَمَقالا

وَالبيضَ يَختَلِسُ النُفوسَ بِهِنَّ إِر

هاقا وَتَختَطِفُ العُيونَ صِقالا

مَن لِلمَمالِكِ وَالرَعايا سائِساً

هَيهاتَ ضاعوا بَعدَهُ إِهمالا

مَن لِلفَتاوى وَالمَسائِلِ أَشكَلَت

فَيُزيلَ عَنها اللَبسَ وَالإِشكالا

مَن يَنحَرُ الكومَ العِزارَ وَيَجعَلَ

السُفَراتِ مِنها لِلفِصالِ فِصالا

مَن لِلوُفودِ تَبيتُ حَولَ فِنائِهِ

عُصَباً فَيوسِعَهُم قِرىً وَنَوالا

مَن لِلمَهاري القودِ أَنحَلَها السُرى

حَطَّت بِساحَتِهِ الرِحالَ كَلالا

مَن لِلغَريبِ نَبَت بِهِ أَوطانُه

فَأَصابَ أَهلاً مِن نَداهُ وَآلا

مَن لِليَتامى وَالأَرامِل مَلجَأً

تَأوي إِلَيهِ وَعِصمَةً وَمآلا

أَودى أَبو الفُقَراءِ فَليَبكوا أَبا

مِن جودِهِ كانوا عَلَيهِ عِيالا

أَأَبا المُظَفَّرِ كُنتَ لي مِن عُسرَتي

مالاً وَمِن جَورِ الخُطوبِ مآلا

ما زِلتَ عَوناً في الحَوادِثِ لي إِذا

ضَعُفَت يَمينٌ أَن تُعينَ شِمالا

ما بالَ وُدٍّ في الزَمانِ ذَخرَتُهُ

لِشَدائِدي أَمسى عَلَيَّ وَبالا

وَمَلابِساً مِن غِبطَةٍ أَلبَسَتني

جُدُداً عَلامَ أَعَدتَّها أَسمالا

وَمُبَشِّراتُكَ كَيفَ عُدنَ سَمائِماً

هوجاً وَكُنَّ عَلى القُلوبِ شَمالا

سُلِبَت تَجَمُّلَها عَلَيكَ وِزارَةٌ

لَبِسَت بِمُلكِكَ رَونَقاً وَجَمالا

يَبكي لِفَقدِكَ دَستُها وَلَقَلَّما

كانَت تُبَكّي غابَةٌ ريبالا

يا مورِدي ماءَ الدُموعِ وَلَم يَزَل

وِردي نَميراً مِن يَدَيهِ زُلالا

وَمُحِمِّلي العِبءَ الثَقيلَ بِرُزئِهِ

إِنّي عَهِدتُكَ تَحمِلُ الأَثقالا

أَمسَكتَ عَن رَدِّ الجَوابِ وَطالَما

جادَلتَ فُرسانَ الكَلامِ جِدالا

وَقَطَعتَ آمالَ العُفاةِ وَلَم تَكُن

لَكَ شيمَةً أَن تَقطَعَ الآمالا

وَأَعَدتَّ أَيّامي الحَوالي بِالأَسى

عُطلاً وَلَيلاتي القِصارَ طِوالا

وَرُزِئتُ مِنكَ بِهِمَّةٍ عَلَوِيَّةٍ

أَحرَزتَ مِنها الفَضلَ وَالإِفضالا

جاوَرتُها وَغَنيتُ أَن أَستَرشِدَ ال

ضُلّالَ أَو أَستَرفِدَ البُخّالا

لَم يَسكُنِ الأَعداءُ مِن فَرَقٍ بِها

حَتّى سَكَنتَ جَنادِلاً وَرِمالا

وَحَلَلتَ بِالبَيداءِ مَنزِلَ وَحشَةٍ

وَهَجَرتَ مَنزِلَ غِبطَةٍ مِحلالا

حَلِيَت بِزَورَتِكَ القُبورُ وَعادَتِ ال

دُنيا بِما وَدَّعتَها مِعطالا

أَرضى الحَيا المِدرارُ تُربَكَ مِن فَتىً

أَرضى العُفاةَ وَأَسخَطَ العُذّالا

وَهَمى عَلَيكَ بِمِثلِ كَفِّكَ ثَرَّةً

وَسَقاكَ خُلقَكَ بارِداً سَلسالا

بَسَحائِبٍ قَد كُنتَ تَسحَبُ عِزَّةً

وَجَلالَةً مِن فَوقِها الأَذيالا

فَليَشكُرَنَّكَ مَن وَسَمتَ بِميسَمِ ال

حَسَناتِ أَيّاماً لَهُ أَغفالا

فَليَسقِيَنَّ ثَراكَ حاكِيَةً سِجَ

الَ المُزنِ مِن صَوبِ الدُموعِ سِجالا

وَليَجعَلَنَّ الدَمعَ بَعدَكَ دَأبَهُ

وَالحُزنَ ما اِمتَدَّ الزَمانُ وَطالا

لا يَفخَرَنَّ الشامِتونَ فَإِنَّما ال

دُنيا تُحيلُ صُروفَها الأَحوالا

مَكّارَةٌ غَرّارَةٌ غَدّارَةٌ

بِبُعولِها تَستَبدِلُ الأَبدالا

يا مَن يُكَلِّفُها الوَفاءَ بِذِمَّةٍ

كَلَّفتَ دُنياكَ الغَدورَ مُحالا

لا تُخدَعَنَّ بِثَروَةٍ وَشَبيبَةٍ

وَاِرقُب لِأَيّامِ السُرورِ زَوالا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سبط ابن التعاويذي

avatar

سبط ابن التعاويذي حساب موثق

العصر الايوبي

poet-sibt-ibn-altaawithy@

332

قصيدة

1

الاقتباسات

19

متابعين

محمد بن عبيد الله بن عبد الله، أبو الفتح، المعروف بابن التعاويذي، أو سبط ابن التعاويذي. شاعر العراق في عصره. من أهل بغداد، مولده ووفاته فيها. ولي بها الكتابة في ديوان ...

المزيد عن سبط ابن التعاويذي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة