الديوان » العصر المملوكي » تميم الفاطمي » يا رب ليل عطر الأردان

عدد الابيات : 73

طباعة

يا رُبَّ ليلٍ عَطِرِ الأَرْدانِ

مِنْ نسِم النرَّجسِ والسُّوسانِ

كأنَّما أَنْجُمه الدَّواني

في أُفِقْهِ رَوْضةُ أقْحُوان

باتت به ساقِيَّتي نَدْماني

وبات رَيَّا رِيحِها رَيْحاني

حتَّى إذا امتدَّت يدُ الإدجانِ

والْتَحَفَ الجوّ بطَيْلَسان

وأَشبَهَ الهلالُ نِصفَ جان

قامت كما قام قضِيبُ بانِ

ظاهرةَ المِنْديل والخَفتان

في هيئةِ المُرْدِ من الغِلْمانِ

شاطرة ساحرة اللِّسان

ترفَّعتْ عن شَبَهِ النِّسْوان

وعن خِضابِ الكفّ والبَنان

واعتقلتْ عَواليَ المراّنِ

زِيَّ شُجاعٍ ولِقَا جبَانِ

حتَّى إذا ما دارتِ الكأْسانِ

وارتفَع المَثْلَثُ والمَثاني

وحُثَّت الأَقداحُ بالأَغاني

وشيّعتْها نَغَمُ القيانِ

والتَفتَ النَّشْوانُ للنَّشْوانِ

بتنا ضَجيعَين على مكانِ

ومالتِ السَّكْرَى على السَّكْرانِ

واختَلَطا بالضَّمّ والتَّداني

لَفَّ الصَّبا الأغصانَ بالأَغصان

يا لك من نَوْمَي ومن نَوْمانِ

عُلاَّ بِصرْفٍ من دَم الدِّنانِ

فاضطجَعا مَيْتَيْن في أَوانِ

واندَرَجا للوَرْدِ في أكفان

لو نُبِّها قاما يحدِّثانِ

عن عَجَب الفِرْدَوْس والجِنان

وكم سَبقتُ الصبحَ غيرَ وانِ

عند مَمِيل الجَدْي والمِيزانِ

والفجرُ يَحكي ذَنبَ السِّرْحان

بِأكلُبٍ تَمرَح في الأَشْطَان

صَوادقِ الألحاظ والأجفان

تَجمع في الَعدْوِ مِن الإمعان

بين شَبَا الأظفار والآذان

مختلفات الصِّبْغ في الألوان

مِن فاقع الصُّفْرة كالعِقْيان

وأبلَقٍ يَجمعُه لَوْنان

وحالكٍ نُقْبَتُه يَقْظانِ

كأنّما الساعدُ منه اثنان

خالي الحَشا مجتمع الجُثْمان

سامي الجِرِشَّى يَقِظِ الجنَانِ

كأنّ في فيه من الأسنان

كلَّ حُسامٍ صارمٍ يماني

يَختالُ في المَشْي اختيالَ الرّاني

لا تَسِمُ التُّربَ له رِجْلانِ

كأنّما يخطو على صَوَّانِ

يَملكِ ما يُدرَك بالعِيانِ

كأنَّه نادرةُ الزّمان

حتى إذا أَصْحَرَ في المَيْدَان

عَنَّ له عَشْرٌ من الغِزْلان

بين الرُّبا والكُثْبِ والقِيعانِ

فانسابَ يَبغي فُرصةَ الإمكان

كالبَرْق في مُغْلَوْلِبٍ جِنّان

أسرَعَ في التَّحريك والإسْكان

من أَنمُل الحُسّاب في الدّيوان

كأنّه حِدّةُ أُفعُوانِ

وأَرْسَلَ الصَّقْرَيْن قانصانِ

فَحلَّقَا في الجَوِّ يَعْلُوانِ

حتى إذا ساواهما كَلبان

صوّب هَذان وكَرّ ذَانِ

كما التقَى في الزَّحْف فَيْلقَانِ

وارتَفَع القَسْطَل كالدُّخَانِ

وارتجّت الأصواتُ بالإرنانِ

وحان حَيْنُ الظَّبيْ والأَتانِ

واهاً له مِنْ طَرَدٍ مُعانِ

بكلّ طرْفٍ سابحٍ حِصانِ

يَخْطو على أربعةٍ مِتانِ

متَّسِعِ المَنْخِر واللَّبانِ

ممزوجةٍ كَمْتَتُهُ بثانِ

من البيَاض اليَقَق الهِجان

فاحمرّ أعلاه إلى السِّيقان

وابيضّت اليدان والرِّجْلان

والوجهُ ثم اسودّت العَيْنان

فهو رِياضُ الحَدَق الرَّواني

شَعْرٌ صَقيلٌ وأَديم قاني

كأنّ فيه لَهَبَ النِّيرانِ

مُقابَلٌ يَمرَح في العِنانِ

أوثَقَ في التركيب منْ بُنْيان

كأنّما يداه طائران

مرتبط الحافز بالظِّلْمان

وبالمَهَا والأُتْن في الغِيطانِ

مثلَ ارتباط اللَّفظ بالمعاني

طِرْفَ العزيزِ الملِك المَنّان

وخَيْلُه السُّبَّق للرِّهان

كلُّ جَوادٍ ثابت الأركان

أذْكَى إذا حُرِّك من إِنْسانِ

ضَوامِنٌ في الرَّوع للفُرْسان

تَرْكَ الأَقاصي كالقريب الدّاني

كأنهمْ منها على عِقْبانِ

يا بن معزِّ الدِّين والإِيمان

وابنَ الملوك الشُّمِّ مِن عَدْنان

والهاشميِّين العظامِ الشانِ

ذوي المعالي وذوي السلطان

وابن الهدى والبِرّ والفُرْقان

كم مَرَّ بين الضَّرْب والطِّعان

من يومِ حربٍ لك أرْوَنانِ

آثَرْتَ فيه طاعةَ الرّحمان

حتى نصرتَ شِرْعةَ القرآن

نصرَ علىٍّ جَدِّك الدَّيّانِ

للدِّين في بَدْرٍ على الأوثان

لولاك كان الناس كالعميان

وأصبح الإسلامُ كالمُهانِ

وارتجع المعروفُ كالبهتان

وعُذِّب العافُون بالحِرْمان

يا غايةَ العافي وفَكّ العاني

وكوكبَ الساري وغَوْثَ الجاني

عادت بك الأيّامُ كالغَواني

يَخْطِرْن بين الحُسْن والإحسان

وأصبح المُلْكُ قليلَ الشاني

رَحْبَ المَغاني مُشْرِفَ المبَاني

عَفَوْتَ حتّى عن ذوي العِصْيان

ولنْتَ حتّى لذوي العُدْوان

سياسةً بيّنةَ الرُّجْحان

مخلوطة الشِّدّة باللِّيان

والخَلق من عدلك في أمانِ

منعتَهمْ مِن إحَن الأضْغان

بِسيرةٍ راجحة المِيزانِ

وحكمةٍ واضحةِ البُرْهان

فكلُّ من والاك في غُنْيانِ

وكلُّ مَن عاداك في خُسْران

يا من به أَدفعُ ما دَهاني

ومَن به طُلْتُ على كِيوانِ

متى أؤَدّي شكَر من كَفاني

وخصّني بالوُدِّ واصطفاني

ومن بنُعمَى فضلِه حَباني

ومن بعينِ حِفظِهِ يرعاني

في السِرّ مِن نَجْواه والإعلانِ

ومن إذا أبصَرَني أدْناني

ومَن إذا سألتُه أرضاني

كأنّه أبٌ عليَّ حاني

ومَن به سعادتي تغْشاني

لولاه ما نِلْتُ مَدَى الأماني

ولا احتلَبْتُ دِرّةَ الزّمان

يا خيرَ مَرْجُوٍّ ومستعانِ

عليكَ في كلِّ ثأىً تُكْلاني

وأنت سَؤلي وبِك ازدياني

وهاكَها واضحةَ التِّبْيان

بِكراً بدت في هيئةِ الغواني

معدومةً معجزَة الكيان

تَضِيق عنها سَعَةُ الأذهان

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن تميم الفاطمي

avatar

تميم الفاطمي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Tamim-Al-Fatimi@

565

قصيدة

3

الاقتباسات

38

متابعين

الفضل بن عبد الملك الهاشمي العباسي. أمير، من أعيان بني العباس. كان صاحب الصلاة بمدينة السلام وأمير مكة والموسم، وحجَّ بالناس نحو عشرين سنة. مولده ووفاته ببغداد.

المزيد عن تميم الفاطمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة