الديوان » العصر المملوكي » الطغرائي » لجلال قدرك تخضع الأقدار

عدد الابيات : 55

طباعة

لجلالِ قدرِكَ تخضعُ الأقدارُ

وبيُمْنِ جَدِّكَ يحكمُ المِقْدارُ

والدهرُ كيف أمرتَهُ لك طَيِّعٌ

واللّهُ حيثُ حللتَهُ لك جارُ

ولك البسيطةُ حيثُ مدَّ غِطاءَهُ

ليلٌ وما كشفَ الغِطاءَ نَهارُ

والفَيْلقُ الجَرّارُ بينَ يديهِ من

سطواتِ بأسِكَ فيلَقٌ جَرَّارُ

ومَهابةٌ ممزوجةٌ بمحبَّةٍ

دانتْ لها الأشرارُ والأخيَارُ

طابتْ بكَ الأيامُ والدُّنيا بما

فيها وطابَ بذكرِكَ الأَخبارُ

هذا هو العصرُ الذي سبقتْ بهِ ال

بُشرَى وجاءَ بذكرهِ الآثارُ

ولَّى ظلامُ الظُّلمِ فيهِ فما لهُ

أثَرٌ وشاعَ بعدلِه الأنوارُ

رقَّتْ حواشيهِ وراقَ رُواؤُهُ

فهجيرُهُ وأصيلُه أسحارُ

عمَّ البريّةَ والبسيطةَ عدلُهُ

فالخَلْقُ شخصٌ والبسيطةُ دارُ

شكراً فقد آتاكَ ما لم يُؤْتِهِ

أحداً سِواكَ الواحدُ القَهَّارُ

ورآكَ إذْ ولَّاكَ أمرَ عِبادهِ

تَدعُ الذي تهوَى لِما يختارُ

تُعطِي وتَمْنَعُ من تشاءُ بإذنِهِ

وبكفِّكَ الأرزاقُ والأعمارُ

ينساقُ نحوَكَ ما تُرِيدُ بعزمةٍ

ما كدَّها الإِيرادُ والإصدَارُ

تتفاوتُ الأقدارُ ما بينَ الوَرى

فإِذا ذُكِرْتَ تساوتِ الأقدَارُ

وإِذا هَمَمْتَ جَرى القضاءُ بما تَرى

فكأنكَ المُتحكِّمُ المختارُ

وأسوتَ جُرْحَ الحادثاتِ وطالما

كنَّا وجُرْحُ الحادثاتِ جُبَارُ

جرَّدْتَ عزمَك للجِهَادِ فقبلَ أنْ

جَرَّدْتَ سيفَك زُلْزِلَ الكُفَّارُ

طَرَقْتهُمُ من حَدِّ بأسِكَ رَوْعةٌ

هُدّتْ لها الأمصارُ والأَعصارُ

وَلَوَ اَنّها رامتْ عِتاقَ الطيرِ لم

تَثْبُت على شَعَفاتِها الأوكارُ

خَيلٌ بأرضِ الرَّقَّتَيْنِ وراءَها

نَقْعٌ كمُرْتكِمِ الغَمامِ مُثَارُ

نشأتْ بأعلى الشامِ من سَرَعانها

سُحُبٌ لها العلقُ المشاعُ قَطارُ

رِيعَ العدوُّ وقد أحسَّ بِقُرْبِها

فالجنبُ نابٍ والرُقَادُ غِرارُ

وغدا الذي كفرَ الجميلَ وجاملَ ال

كُفَّارَ أحسنُ حالتيهِ إِسَارُ

في رأسِ شاهقةِ المرامِ منيعةٍ

والقِدُّ طَوقٌ والحديدُ سِوَارُ

وجنى على عُصَبِ النِفاق كما جَنَى

في الغابرينَ على ثَمُودَ قُدَارُ

وعلى خليجِ الرومِ منكَ مَهابَةٌ

من خوفِها يتطامنُ التيارُ

لا البيدُ بِيْدٌ إذ تَهُمُّ بنهضَةٍ

نحو الخليجِ ولا البِحارُ بِحَارُ

ولقد درى الرومي أن وراءه

خطراً تقاصَرُ دونه الأخطارُ

يومٌ يقوتُ المُرْهَفاتِ وقد غدتْ

غرثَى ويُروي السُمْرَ وهي حِرارُ

وبأرضِ بُرقةَ والصعيدِ روائعٌ

لِلَهيبِها في الخافقَيْنِ شرارُ

وإِذا عَدا فرعونُ فيها واعتَدى

فعصا الكليم لواؤُكَ الخَطَّارُ

عَلَمٌ بهِ نُصِرَ الهُدى فكأنَّهُ

عَلَمُ النبيِّ وحولَهُ الأنصارُ

تتلقّفُ الإفْكَ الذي سُحِرتْ به ال

ألبابُ والأبصارُ والأفكارُ

أيَّدْتَ دينَ الهاشميَّ فلم يضِعْ

لبني الشريعةِ عندَ سيفِك ثارُ

وهتكتَ سِتْرَ الباطنيّةِ بعدَما

لُطَّتْ وراءَ غُيوبِها الأستارُ

ملكوا قِلاعَ الأرضِ واتَّسقَتْ لهمْ

حِيَلٌ يَضِلُّ بمثلِها الأغمارُ

غرَّتهمُ الأقدارُ إذ أملَتْ لهمْ

فتكاملَ الآثامُ والأوزارُ

حكَّمتَ سيفَكَ فيهمُ فصدعْتَهُمْ

صدعَ الزُجاجةِ صَكَّها الأحجارُ

وأخذتَ ثأرَ الدينِ منهمْ بعدَمَا

شاطَ الدماءُ وضاعفَ الأوتارُ

دبُّوا الضَّراءَ مخاتلينَ وأَعْمَلوا

أفكارَهُمْ في الكفرِ وهو سِرَارُ

ففتكتَ جهراً لا طِعانُكَ خِلْسَةٌ

في المارقينَ ولا الضِرابُ ضِمَارُ

لما رأوكَ ولم يَرْوا لنفوسِهمْ

أنْ يُقْدِموا عندَ اللِّقاءِ وحاروا

بعثُوا أَناسِيَّ الحِداق فما انثنتْ

إلا وأشفارُ الجفونِ شِفَارُ

فلتهنأِ الأيامُ أنّك مالكُ ال

دنيا وطوعُ مرادِكَ الأقدارُ

يا مالكَ الدُّنيا الذي بشبيههِ

عقُم الزمانُ وضنَّتِ الأدوارُ

أوليتَنِي النِّعَمَ التي سارتْ بها ال

ركبانُ وامتلأتْ بها الأقطارُ

ورفعتَ ذكري بعد طُولِ خمولهِ

فكأنني عَلَمٌ عليهِ نارُ

لا شرْكةٌ فيما اصطنعتَ ولا يَدٌ

لِسواك فيها ذلَّةٌ وصَغَارُ

وكفيتَني مِنَنَ الرِجالِ ولم يزلْ

مِنَنُ الرجال يعافُها الأحرارُ

فلأُفردنَّك بالمدائحِ إنَّها

دررٌ وهنَّ على عُلاك نِثَارُ

وَلأَشكرنَّ جميلَ ما أوليتَني

شُكراً تسيرُ بذكرهِ الأشعارُ

ولأطلِعَنّك إن بقيتُ على مدى

سِرٍّ تقاصَرُ دونَه الأسرارُ

فَبقِيتَ مرهوبَ الجَنابِ مؤمَّلاً

من شأنِكَ الإغناءُ والإفقارُ

أيامُك الأعيادُ وهي نواضرٌ

زُهْرٌ وعودُكَ في العَلاء نُضَارُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الطغرائي

avatar

الطغرائي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Tughrai@

375

قصيدة

4

الاقتباسات

160

متابعين

الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو إسماعيل، مؤيد الدين، الأصبهاني الطغرائي. شاعر، من الوزراء الكتاب، كان ينعت بالأستاذ. ولد بأصبهان، واتصل بالسلطان مسعود بن محمد السلجوقي (صاحب ...

المزيد عن الطغرائي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة