الديوان » العصر الأندلسي » عبد الغفار الأخرس » عفت أرسم من دار مي وأطلال

عدد الابيات : 52

طباعة

عَفَتْ أَرْسُمٌ من دارِ ميٍّ وأطلالُ

وحَالَتْ بنا إذ خَفَّ قاطِنُها الحالُ

فكمْ أَسأَلُ الدَّار البوالي رسومُها

وهل نافعي من أرسم الدَّار تسآل

وَقَفْتُ بها أَقضي لها الدَّين بالأَسى

وما ينقضي وَجْدٌ عليها وبلبال

وفي النَّفس من تلك المنازل لوعة

تُهَيِّجها منِّي غدوٌّ وآصال

وكم هَيَّجَتْ بي زفرةً بعد زفرةٍ

لنيرانها في مضمر القلب إشعال

وعهدي بذات الضال عذر على الهوى

أَلا للهوى العذْريّ ما جمع الضال

بروحي من كانت حَياتي بقربه

ويَقتُلني بالهجر والهجر قتال

أُلاحِظُ منه البدر في غسق الدُّجى

يَميسُ به قدٌّ من البان ميَّال

أَحِبَّتنا قد حالَ بيني وبينكم

خطوبٌ لأحداث الزَّمان وأهوال

لئنْ غِبتُم عن ناظري وحُجبتم

فما غابَ منكم عن فؤادي تمثال

وما سرَّني أنِّي مقيمٌ ببلدةٍ

وهمِّي عليكم في المهامِهِ جَوَّال

ألامُ عليكم في الهوى وهوانه

وللصّبّ لوَّامٌ وللحبِّ عذّال

سقى الله هاتيكَ الديارَ وأهْلَها

وجُرَّت عليها للغمائم أذيال

وعهداً مضى فيه الشباب وطيبُه

وقد غالَه من طارق الشيب مغتال

سأركبُها في المهمَهِ القفر مركباً

سَفائنَ بَرٍّ لُجُّ أبْحرها الآل

ولستُ مقيماً ما أقَمتُ بمنزلٍ

وعيشي أنكادٌ تسوء وأنكال

وتَصحَبُني في كلِّ فجٍّ عزيمتي

وأبيضُ هنديٌّ وأسمرُ عسّال

وما ملكَتْ منِّي المطامع مِقْوَداً

لصاحبها في موقف الضيم إذلال

وما ساءني فَقَرٌ ولا سرّني غنًى

بحيثُ استوى عندي ثراءٌ وإقلال

ولم أدْنُ من أشياء ممَّا تَشينُني

ولو قُطِّعَتْ منِّي لذلك أوصال

وما كانَ بي والحمد لله خُلَّةٌ

لها بالشريف الباذخ المجد إخلال

ولستُ أبالي والأبوّة مَذهبي

إذا أعْرَضتْ عنّي مع العلم جهّال

همُ سابَقوني بالفخار فقصّروا

وهم طالبوني بالإباء فما طالوا

ولي بعليّ القَدْر عن غيره غنًى

إذا عُدَّ قول للكرام وأفعال

من القوم أبناء النُّبوَّةِ والعلى

يُشام لهم في كلِّ بارقةٍ خال

سَلِ المجدَ عنهممُجْمَلاً ومُفصَّلاً

ويغني عن التفصيل إذ ذاك إجمال

إذا وُصِفوا بالعلم والحلم والتقى

فبالعلم أعلام وبالحلم أجبال

قواضٍ على أموالهم بنوالهم

وما نيلَ هذا الفضل إلاَّ بما نالوا

عزائِمُهُم شرقاً وغرباً وبأسُهُم

قيودٌ بأعناق الرِّجال وأغلال

إليك أبا سلمان تسعى ركابنا

وفيها إلى مغناك حلٌّ وترحال

وتصدر عنك الواردون ظِماؤها

عليها من الإنعام والشكر أثقال

إذا نحن أثنَيْنا عليك فإنَّما

لكلِّ نسيجٍ من ثنائك منوال

يَصِحُّ رجائي في علاك مريضه

ومن اسمك العالي لقد صدق الفال

تُبشّرُ بالنَّعْماء منك بشاشَةٌ

وعطفٌ على من يرتجيك وإقبال

تُغيثُ بغَوْثٍ من دَعاك لكربه

وللغيث من جدوى يمينك إخجال

وما زال بي من جود فضلك نعمةٌ

تُسَرُّ بها نفسي ويَنْعَمُ لي بال

إذا ما استقى العافون من يدك النوى

سقاها الأيادي عارضٌ منك هطال

وفيك أبا سلمان بالناس رأفةٌ

يُنالُ بها قصدٌ وتُدْرَكُ آمال

يخبِّرُ عنك الفضل أنَّك أهلُهُ

ويَشهدُ فيك البأس أنَّك رئبال

تبلَّجَ صُبحُ الحقّ بالصِّدق ظاهراً

فلا احتال بعد اليوم بالزُّورِ مُحتال

أما وجميلٍ من صنيعك سالفٍ

عليَّ به مَنٌّ وفضلٌ وإفضال

وآباؤك الغُرُّ الميامين إنَّهم

غيوثٌ إذا جادوا ليوث إذا صالوا

لقد كَذَب الحُسَّاد فيما تَقَوَّلوا

عَليَّ وأيم الله ما قلتُ ما قالوا

أعيذُك أن تُصغي إلى قولِ كاذبٍ

ويَثْنيك عنِّي ذلك القيل والقال

ألمْ أقضِ عمري في ثنائك كلِّه

ولي فيك من غُرِّ المدائح أقوال

خدمتُك في مدحي ثلاثين حِجَّةً

وصَوْبُك مُنهلٌ وجودك سيّال

أباهي بك السادات شرقاً ومغرباً

وأرْفُلُ في بُرد النعيم وأختال

أنالُ بك الآمال وهي بعيدة

وأفتَحُ أبواباً عَليهنَّ أقفال

وإنِّي لأرعى النَّاس بالشكر ذِمّةً

وما في خلوصي بالمودّة إشكال

وأَنْتَ الَّذي ترجى في النَّاس كلّها

وتُضْرَبُ في نعماك للناس أمثال

إذا ما القوافي أقْبَلَتْ بثنائها

عليك فمأمولٌ بها الجاه والمال

وقافيةٍ تتلى ويحلو نشيدها

وكم تتحلّى في ثنائك معطال

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الغفار الأخرس

avatar

عبد الغفار الأخرس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Abdul-Ghafar-al-Akhras@

378

قصيدة

83

متابعين

عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب. شاعر من فحول المتأخرين. ولد في الموصل، ونشأ ببغداد، وتوفى في البصرة. ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره. ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه. له ...

المزيد عن عبد الغفار الأخرس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة