الديوان » العراق » حيدر الحلي » باتت تروحني بنشر عبيرها

عدد الابيات : 51

طباعة

باتت تروِّحني بنشرِ عبيرها

بيضاءُ تطوي النيّرينِ بنورِها

وجلت عليَّ مدامةً بمفاصلي

منها وجدتُ فُتورَ عين مُديرِها

ورأيتُ شُعلةَ خدِّها في كأسها

قد أوجستها مهجتي بضميرها

وغدت تفاكهني عشيَّة أقبلت

بفنونِ دلٍّ بتُّ طوعَ غُرورها

فرَنت بناظرتي عقيلة رَبربٍ

بكَرت تريعُ إلى نِطافِ غديرها

ودنت إليَّ وأسفرت عن وجنةٍ

حسداً تموت الشمسُ عند سفورها

وصفت لعيني في بدايعِ حسنِها

حورَ الجنانِ فخلتُها من حورها

ثم انثنت خجلاً تصدُّ بمقلةٍ

سرقت من الآرام لحظَ غريرها

وتبسَّمت سرًّا فأومضَ بارقٌ

لعذيب مبسمها قضى بسرورها

فأضاءَ ليلةَ وصلِها حتَّى غدت

لا فرقَ بيت عشيِّها وبُكورها

فتغيّرت خوفَ الرقيبِ لعلمها

بمكانِها منّي يشي لغيورها

فتسترت بظفائرٍ لو تحتها

سرت الكواكبُ ما اهتدت لمسيرها

باتت ترفرفُ بين أنفاسِ الصَبا

وتضوعُ بين ورودِها وصُدورِها

حتَّى لقد حَمِلت شذاً من عرفِها

أشفقتُ تعرفه الورى بعبيرها

فوددتُ أقطع كفَّ ماشطةِ الصب

كي لا ترجِّل شعرها بمرورها

ولئن ظننتُ على النسيم بها فلا

عجبٌ ولو وافى بوقتِ هجيرها

فبمقلتي لو لم أخف إنسانَها

لحجبتُها عن لحظِ عينِ سميرها

وكذبتُ ما في العين إنسانٌ ولا

في العالمينَ صغيرِها وكبيرِها

من أين إنسانٌ لعيني غيرُها

والناس غير أبي الحسينِ أميرها

ألها أميرٌ في البلاغةِ غيره

وبها تشير إليهِ كفُّ مشيرها

ولئن إليه غَدت تشيرُ فإنَّها

ما أدركتهُ بفكرِها لقصورِها

بل عين فكرتِها رأت إنسان ع

ين زمانه في نوره لا نورها

فرأت مناقبَ منه فاروقيّة

ما أن تزيَّنتِ السما بنظيرها

ومآثراً عُمريَّةً بقليلها

كثرت عداد الشهبِ لا بكثيرها

وخلائقاً رشفت سُلافتَها الورى

فغدت بها سَكرى ليومِ نشورها

هيهاتَ بنتُ الكرمِ منها إنَّها

بنتُ المكارمِ قد ذكت بعبيرها

محلوبةً من كرمِها مشمولةً

بنسيمِها ممزوجةً بنميرِها

نَفَحت بعارفةٍ عليَّ خطيرةٍ

قد أفحمت منّي لسانَ شكورها

باتت لديَّ ولست أكفرها يداً

ما للغمامِ يدٌ بفيضِ غَزيرها

جذَبت بضبعي فارتقيتُ بها على

هامِ المجرّة رافلاً بحبيرها

فلو أن أعضائي تحوَّل ألسناً

تثني عليه إلى انقطاع دهورها

بقصائدٍ حبَّاتُ قلبي لفظها

وسواد أحداقي مداد سُطورها

ما كنتُ أبلغ شكرَه فيها ولو

أنَّي ملأَتُ الكونَ في تحريرِها

أم كيف أشكرُه الصنيعةَ بالثنا

ومتى يقومُ حقيرُه بخطيرها

مع أنَّه مُفضٍ لما لا يَنتهي

ومن الأُمورِ به ارتكاب عسيرها

فالحقُّ فيه أن أُحبِّر مِدحةً

أشكره في أُخرى على تَحبيرِها

إذ من معادن فضلِه نظَّمتُها

وبه اهتديتُ إلى التقاطِ شذورها

هو ذاك مُنتجع الفصاحةِ مُجتبى

ثمرِ البلاغةِ مُستمِدُّ غزيرها

ربُّ القوافي السائراتِ بحيثُ لم

يقطع نهايةَ سيرِها ابنُ أثيرها

وكميُّ مِزبرةٍ ترى لُسُنَ الضُبا

خُرساً إذا نطقت بآيِ زَبورها

لو شاءَ يوماً ساق أرواحَ العِدى

صِلةً لموصولِ الردى بصريرها

مَن عن لسانِ الروحِ أصبحَ ناطقاً

لا عن لسان لَبيدِها وجَريرها

بزواهرٍ نجمتْ فأطفأ ضوؤها

شُعَلَ النجوم الزُهرِ عند ظهورها

وكأَنَّما طبعت بمرآةِ السما

بدلَ الكواكبِ شكلهنَّ بنورها

لم يُنشها إلاَّ عُقوداً ناثراً

لنظيمها أو ناظماً لَنثيرها

مِدحاً يُفضلهنَّ ما بين الورى

لنذيرها الهادي وآلِ نذيرها

حيثُ القوافي ما برحن فواركاً

لم تُمنح الشعراءُ غير نُفورها

واليومَ قد صارت طروقةُ فحلِها

منه وقرَّ نفارُها بمصيرها

مسكت خُطام قيادها يده وهُم

لم يَمسكوا إلاَّ خطام غرورها

وله ذكور اللفظِ دون إناثِها

ولهم إناثُ اللفظِ دون ذكورها

لا زالَ منها ناظماً ما لم يدع

فضلاً لأوَّلها ولا لأخيرها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حيدر الحلي

avatar

حيدر الحلي حساب موثق

العراق

poet-haidar-alheli@

283

قصيدة

471

متابعين

حيدر بن سليمان بن داود الحلي الحسيني. شاعر أهل البيت في العراق. مولده ووفاته في الحلة، ودفن في النجف. مات أبوه وهو طفل فنشأ في حجر عمه مهدي بن داود. ...

المزيد عن حيدر الحلي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة