الديوان » العصر المملوكي » ابن الأبار البلنسي » أدرك بخيلك خيل الله أندلسا

عدد الابيات : 67

طباعة

أَدْرِكْ بِخَيْلِكَ خَيْلِ اللَّهِ أندلُسَاً

إنَّ السَّبِيلَ إلَى مَنْجاتِها دَرَسَا

وَهَبْ لهَا مِنْ عَزيزِ النَّصْرِ مَا الْتَمَسَتْ

فَلَمْ يَزَلْ مِنْكَ عزُّ النَّصْر مُلْتَمَسا

وَحاش مِمَّا تُعانِيهِ حُشَاشَتهَا

فَطَالَما ذَاقَتِ البَلوَى صَبَاحَ مَسَا

يَا للجَزيرَةِ أَضْحَى أَهلُها جَزَراً

لِلحَادِثَاتِ وأَمْسَى جَدُّهَا تَعَسا

في كُلِّ شارِقَةٍ إِلْمَامُ بَائِقَةٍ

يَعُود مَأتَمُها عِندَ العِدَى عُرُسا

وكُلِّ غَارِبَةٍ إِجْحَافُ نائِبَةٍ

تَثْنِي الأَمَانَ حِذاراً والسرُور أَسَى

تَقَاسَمَ الرومُ لا نَالَتْ مَقَاسِمُهُم

إِلا عَقَائِلَها المَحْجوبَةَ الأُنُسَا

وَفِي بَلَنْسِيةٍ مِنْها وَقُرْطُبَةٍ

ما يَنْسِفُ النَّفسَ أَو ما يَنزِفُ النَّفَسا

مَدائِنٌ حَلَّها الإشْرَاكُ مُبْتَسِماً

جَذْلانَ وارتَحَلَ الإِيمانُ مُبْتَئِسا

وَصَيَّرَتْها العَوادِي العَابِثاتُ بِها

يَسْتَوحِشُ الطَّرْفُ مِنْها ضِعْفَ ما أَنِسا

فَمِنْ دَسَاكِرَ كانَتْ دُونَهَا حَرَساً

وَمِنْ كَنَائِسَ كَانَتْ قَبْلَها كُنُسا

يَا للْمَساجِدِ عَادَتْ للعِدَى بِيَعاً

ولِلنِّداءِ غَدَا أَثْناءَها جَرَسا

لَهْفِي عَلَيها إلَى استِرجَاعِ فائِتِها

مَدارِساً لِلْمَثانِي أصبَحَتْ دُرُسا

وَأَربعا نمْنمَتْ يُمْنَى الرَّبيعِ لَها

ما شِئت مِنْ خِلَعٍ مَوْشِيَّةٍ وكُسى

كانَتْ حدَائِقَ للأَحْدَاقِ مؤنِقَةً

فَصَوَّحَ النَّضْرُ مِن أَدْواحِها وَعَسا

وَحَالَ ما حَوْلَهَا مِنْ منْظَرٍ عَجَبٍ

يَسْتَجْلِسُ الرَّكْب أَوْ يَسْتَرْكِبُ الجُلُسا

سُرْعَانَ ما عاثَ جَيْشُ الكُفْرِ واحَرَبا

عَيْثُ الدَّبَى في مَغَانِيهَا التِي كَبَسا

وَابْتَز بِزَّتَهَا مِمَّا تَحيَّفَها

تحَيفَ الأَسَدِ الضَّارِى لِما افتَرَسا

فأَيْنَ عَيْشٌ جَنَيْنَاهُ بِها خَضِراً

وَأيْنَ غُصنٌ جَنَيْناهُ بِها سَلِسا

مَحَا مَحَاسِنَها طاغٍ أُتِيحَ لَها

مَا نامَ عَن هَضْمِهَا حِيناً وَلا نَعَسا

وَرَجَّ أَرْجَاءَهَا لمَّا أحاطَ بِها

فَغادَر الشُمَّ مِنْ أَعْلامِها خُنُسا

خلالَهُ الجوُّ فَامْتَدَّتْ يَداهُ إلَى

إِدْراك ما لَمْ تَطَأْ رِجْلاهُ مُخْتَلِسا

وأكْثَرَ الزَّعْمَ بالتَّثْلِيثِ مُنْفَرِداً

وَلَوْ رَأَى رأيَةَ التَّوحِيدِ مَا نَبَسا

صِلْ حَبْلَها أَيُّها المَوْلَى الرَّحيمُ فَما

أَبقَى المِراسُ لَها حَبْلاً وَلا مَرَسا

وَأَحْي مَا طَمَستْ مِنْهُ العُداةُ كَمَا

أَحيَيْتَ مِن دَعوَةِ المَهْدِيِّ ما طُمِسا

أَيَّامَ سِرْتَ لِنَصْرِ الحَقِّ مُسْتَبِقاً

وَبتَّ مِن نُورِ ذاكَ الهّدْي مُقْتَبِسا

وَقُمتَ فيها بِأَمْرِ اللَّهِ مُنتَصِراً

كَالصَّارِمِ اهتَزَّ أَو كالعارِضِ انبَجَسا

تَمحُو الذِي كَتَبَ التَّجْسيمُ مِن ظُلَمٍ

وَالصُّبْحُ مَاحِيةٌ أَنْوارُهُ الغَلَسا

وَتَقْتَضِي المَلِكَ الجبَّارَ مُهجَتَهُ

يَومَ الوَغَى جَهْرَةً لا تَرقُبُ الخُلَسا

هَذِي وَسائِلُها تَدْعوكَ مِنْ كَثَبٍ

وَأَنْتَ أفْضَلُ مَرجُوٍّ لِمَنْ يَئِسا

وَافَتْكَ جارِيَةً بالنُّجْحِ رَاجِيَةً

مِنكَ الأمِيرَ الرِّضَى والسَّيِّد النَّدِسا

خَاضَت خُضَارَةَ يُعْلِيهَا ويُخْفِضُها

عُبَابُهُ فَتُعانِي اللِّينَ والشَّرَسا

ورُبَّما سَبَحتْ والرِّيحُ عَاتِيَةٌ

كَمَا طَلَبْتَ بِأَقْصَى شَدِّه الفَرَسا

تَؤُمّ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ الوَاحِد بْنِ أَبِي

حَفْصٍ مُقَبِّلةً مِن تُربِهِ القُدُسا

مَلْكٌ تَقَلَّدتِ الأَمْلاكُ طَاعَتَه

دِيناً ودُنْيا فَغَشَّاها الرِّضَى لِبَسا

مِنْ كُلِّ غَادٍ عَلَى يُمنَاه مُستَلِماً

وَكُلّ صَادٍ إلَى نُعْمَاهُ مُلْتَمسا

مُؤَيَّدٌ لَو رَمَى نَجْماً لأَثْبَتَهُ

وَلَوْ دَعَا أفُقاً لَبَّى وَما احتَبَسا

تاللَّهِ إِنَّ الذِي تُرجَى السعودُ لَهُ

مَا جَالَ فِي خلَدٍ يَوماً وَلا هَجَسا

إِمارَةٌ يَحْمِلُ المِقْدَارُ رايَتَها

ودَوْلَةٌ عِزُّها يَسْتَصْحِبُ القَعَسا

يُبْدِي النَّهَارُ بِها مِنْ ضَوْئِهِ شَنَباً

ويُطْلِعُ الليلُ مِنْ ظَلْمَائِهِ لَعَسا

ماضِي العَزيمَةِ والأَيَّامُ قَدْ نَكَلَتْ

طَلْقُ المُحَيَّا ووَجْهُ الدَّهْرِ قَدْ عَبَسا

كَأَنَّهُ البَدْرُ والعَليَاءُ هالَتُهُ

تَحُفُّ مِن حَولِهِ شُهْبُ القَنَا حَرَسا

تَدْبِيرُهُ وَسِعَ الدُّنيا وَما وَسِعَتْ

وعُرْفُ مَعْرُوفِهِ وَاسَى الوَرَى وَأَسا

قَامَتْ عَلَى العَدلِ وَالإحسانِ دَعْوَتُهُ

وأَنْشَرَتْ مِنْ وُجُودِ الجُودِ ما رُمِسا

مُبَارَكٌ هَدْيُهُ بادٍ سَكينَتُهُ

مَا قامَ إِلا إلَى حُسْنَى وَلا جَلَسا

قَد نَوَّرَ اللَّهُ بِالتَّقوَى بَصِيرَتَهُ

فَمَا يُبالي طُروقَ الخَطْبِ مُلتَبِسا

بَرَى العُصاةَ وَرَاشَ الطائِعِينَ فَقُلْ

في اللَّيْثِ مُفْتَرِساً والغَيثِ مُرْتَجِسا

ولَم يُغَادِر علَى سَهْلٍ وَلا جَبَلٍ

حَيَّا لقاحاً إِذا وَفَّيْتَهُ بَخَسا

فَرُبَّ أَصْيَدَ لا تُلفِي بِهِ صَيَداً

وَرُبَّ أشْوَسَ لا تَلْقَى لَهُ شَوسا

إلَى المَلائِكِ يُنْمَى والمُلوكِ مَعاً

فِي نَبْعةٍ أَثْمَرَتْ لِلمَجْدِ ما غَرَسا

مِنْ سَاطِعِ النُّورِ صَاغَ اللَّهُ جَوهَرَهُ

وَصَانَ صِيغَتَهُ أنْ تَقْرُبَ الدَّنَسا

لَهُ الثَّرَى والثُّريَّا خُطَّتانِ فَلا

أَعَزّ مِنْ خُطَّتَيْهِ ما سَما وَرَسا

حَسْبُ الذِي بَاعَ في الأَخْطَارِ يَرْكَبُها

إلَيْهِ مَحْيَاهُ أنَّ البَيْعَ مَا وُكِسا

إِنَّ السَّعيدَ امْرُؤٌ أَلقَى بِحَضرَتِهِ

عَصَاهُ مُحْتَزِماً بالعَدْلِ مُحْتَرِسا

فَظَلَّ يُوطِنُ مِنْ أَرْجَائِها حرَماً

وبَاتَ يُوقِدُ مِنْ أضْوائِهَا قَبَسا

بُشْرَى لِعَبدٍ إلَى البَابِ الكَريمِ حَدَا

آمالهُ ومِنَ العَذْبِ المَعينِ حَسا

كأَنَّمَا يَمْتَطِي واليُمْنِ يَصحَبُه

مِنَ البِحارِ طَرِيقاً نَحْوَهُ يَبَسا

فاسْتَقْبَل السعدَ وضَّاحا أسرَّتُه

من صَفْحَةٍ غَاضَ مِنها النورُ فانعَكَسا

وَقَبل الجُودَ طفَّاحاً غَوارِبُهُ

مِن رَاحَةٍ غاصَ فيها البَحرُ فانغَمَسا

يَا أَيُّها المَلِكُ المَنْصُورُ أنْتَ لَهَا

عَليَاءُ تُوسِعُ أَعْداءَ الهُدَى تَعَسا

وقَدْ تَواتَرتِ الأَنْبَاء أَنَّكَ مَنْ

يُحْيِي بِقَتْلِ مُلوك الصُّفْرِ أَنْدَلُسا

طَهِّرْ بِلادَك مِنْهُم إِنَّهُم نَجَسٌ

وَلا طَهَارَةَ ما لَم تَغْسِل النَّجَسا

وَأَوْطِئ الفَيْلَقَ الجَرَّارَ أرضَهُمُ

حتَّى يُطَأطِئَ رَأْساً كُلُّ مَنْ رَأْسا

وانْصُر عَبِيداً بأَقْصَى شَرْقِها شَرِقَتْ

عُيُونُهم أدْمُعاً تهْمِي زَكاً وخَسا

هُمْ شِيعَةُ الأَمْرِ وَهْيَ الدَّارُ قَد نُهِكَتْ

دَاءً وَمَا لَمْ تُبَاشِرْ حَسْمَهُ انْتَكَسا

فَامْلأ هَنِيئاً لَكَ التَّمْكِينُ سَاحَتها

جُرْداً سَلاهِبَ أوْ خَطِّيَّةً دُعُسا

واضْرِب لهَا مَوْعِداً بِالفَتْحِ تَرْقُبُهُ

لَعَلَّ يوْمَ الأَعادِي قَدْ أَتَى وعَسَى

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الأبار البلنسي

avatar

ابن الأبار البلنسي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-ibn-alabar@

253

قصيدة

1

الاقتباسات

39

متابعين

محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي أبو عبد الله. من أعيان المؤرخين أديب من أهل بلنسية بالأندلس ومولده بها، رحل عنها لما احتلها الإفرنج، واستقر بتونس. فقربه ...

المزيد عن ابن الأبار البلنسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة