شِبتُ طِفلاً وَلَم يَحِن لي مَشيبٌغَيرَ أَنَّ الهَوى رَأى أَن أَشيباأَسعِديني عَلى الزَمانِ عَريبٌإِنَّما يُسعِدُ الغَريبُ الغَريبا
إِنّا لَقَومٌ أَبَت أَخلاقُنا شَرَفاًأَن نَبتَدي بِالأَذى مَن لَيسَ يُؤذينابيضٌ صَنائِعُنا سودٌ وَقائِعُناخُضرٌ مَرابِعُنا حُمرٌ مَواضينا
وَأَحَبُّ آفاقِ البِلادِ إِلى الفَتىأَرضٌ يَنالُ بِها كَريمَ المَطلَبِوَلَدى بَني يَزدادَ حَيثُ لَقيتُهُمكَرَمٌ كَغادِيَةِ السَحابِ الصَيِّبِ
وَهُمْ مِن لُؤمِهم في قَعرِ وهدٍوَإِن رفعوا بدورِهم القِباباوَمَن يَكُ عارِياً مِن كُلِّ خَيرٍفَما يُغنيهِ أَن لَبِسَ الثيابا
النَفسُ أَدنى عَدوٍّ أَنتَ حاذِرُهُوَالقَلبُ أَعظَمُ ما يُبلى بِهِ الرَجُلُوَالحُبُّ ما خَلَصَت مِنهِ لَذاذَتُهُلا ما تُكَدِّرُهُ الأَوجاعُ وَالعِلَلُ
أَصونُ تُرابَ الأَرضِ كانوا حُلولُهاوَأَحذَرُ مِن مَرّي عَلَيها وَأُشفِقُوَلَم يَبقَ عِندي لِلهَوى غَيرَ أَنَّنيإِذا الرَكبُ مَرّوا بي عَلى الدارِ أَشهَقُ
تَلَذُّ عَيني وَقَلبي مِنكَ في أَلَمٍفَالقَلبُ في مَأتَمٍ وَالعَينُ في عُرُسِكِمُّ الفُؤادِ حَبيساً غَيرُ مُنطَلِقٍوَدَمعُ عَيني طَليقاً غَيرُ مُنحَبِسِ
أَنتِ النَعيمُ لِقَلبي وَالعَذابُ لَهُفَما أَمَرُّكِ في قَلبي وَأَحلاكِعِندي رَسائِلُ شَوقٍ لَستُ أَذكُرُهالَولا الرَقيبُ لَقَد بَلَّغتُها فاكِ
فَاِهرُب بِنَفسِكَ وَاِستَأنِس بِوِحدَتِهاتَبقى سَعيداً إِذا ما كُنتَ مُنفَرِدا
وَلَمّا لَم يُلاقوا فيَّ عَيباًكَسوني مِن عُيوبِهِمُ وَعابوا
خُلِقتَ لِإِحدى الغايَتَينِ فَلا تَنَموَكُن بَينَ خَوفٍ مِنهُما وَرَجاءِوَفي الناسِ شَرٌّ لَو بَدا ما تَعاشَرواوَلَكِن كَساهُ اللَهُ ثَوبَ غِطاءِ
فَما الحُبُّ إِن ضاعَفتُهُ لَكَ باطِلٌوَلا الدَمعُ إِن أَفنَيتُهُ فيكَ ضائِعُوَغَيرُكَ إِن وافى فَما أَنا ناظِرٌإِلَيهِ وَإِن نادى فَما أَنَ سامِعُ
وَفي النَفسِ حاجاتٌ إِلَيكَ كَثيرَةٌأَرى الشَرحَ فيها وَالحَديثُ يَطولُتَعالَ فَما بَيني وَبَينِكَ ثالِثٌفَيَذكُرُ كُلٌّ شَجوَهُ وَيَقولُ
أَلا أَيُّها القَلبُ الَّذي قادَهُ الهَوىأَفِق لا أَقَرَّ اللَهُ عَينَكَ مِن قَلبِ
وَيَجهَدُ الناسُ في الدُنيا مُنافَسَةًوَلَيسَ لِلناسِ شَيءٌ غَيرَ ما رُزِقوايا مَن بَنى القَصرَ في الدُنيا وَشَيَّدَهُأَسَّستَ قَصرَكَ حَيثُ السَيلُ وَالغَرَقُ
مَن جا إِلَيكَ فَرُح إِلَيــهِ وَمَن جَفاكَ فَصُدَّ عَنهُمَن ظَنَّ أَنَّكَ دونَهُفَاِترُك هَواهُ إِذَن وَهِنهُ
وَأُحِبُّ كُلَّ مُهَذَّبٍ وَلَو اَنَّهُخَصمي وَأَرحَمُ كُلَّ غَيرِ مُهَذَّبِيَأبى فُؤادي أَن يَميلَ إِلى الأَذىحُبُّ الأَذِيَّةِ مِن طِباعِ العَقرَبِ
كَأَنَّ سُهادَ اللَيلِ يَعشَقُ مُقلَتيفَبَينَهُما في كُلِّ هَجرٍ لَنا وَصلُأُحِبُّ الَّتي في البَدرِ مِنها مَشابِهٌوَأَشكو إِلى مَن لا يُصابُ لَهُ شَكلُ
خالِف هَواكَ إِذا دَعاكَ لِرَيبَةٍفَلَرُبَّ خَيرٍ في مُخالَفَةِ الهَوىعَلَمُ المَحَجَّةِ بَيِّنٌ لِمُريدِهِوَأَرى القُلوبَ عَنِ المَحَجَّةِ في عَمى
وَأَمنَحُها أَقصى هَوَايَ وَإِنَّنيعَلى ثِقَةٍ مِن أَنَّ حَظّي صُدودُهاأَلا لَيتَ شِعري بَعدَنا هَل تَغَيَّرَتعَنِ العَهدِ أَم أَمسَت كَعَهدي عُهودُها