أطربتني نغمات لحن المنشد

بعلي الهادي سليل محمد

بشر تسنم رتبة شمخت على

الشمس المضيئة والسها والفرقد

ومناقب عن نيلها يكبو من

أوهام مجرى كل مهر أجرد

فإذا العلى حلت محافل مجدها

طودا حللت بها رفيع المسند

خطأ أقيسك بالسحائب ربما

نضبت وعود نداك مخضل ندي

كذبت بروق السحب تلمح خلبا

وحيا نداك هما بأصدق موعد

وهب الندى متواليا لا ينتهي

ورقى العلى متوانيا لم يجهد

وجلا النحوس بغرة ميمونة

سامت مطالع كل نجم أسعد

بيضاء واضحة ترى ماء الحيا

منها يسيل على سؤال القصد

إن ضل ساري الليل في ظلماته

فبضوئها الزاهي المشعشع يهتدي

لك عزمة مهما ركبت قفارها

ولجت بغابة كل ليث ملبد

حملتك كالبازي يذوب من الصدى

حرى جوانحه لأعذب مورد

مرحا تخايل بالخطى فتذبذبت

من فوق عاتقه ذؤابة سؤدد

علم من العلم اليقين موقر

زاكي المخيلة طاهر بالمولد

ولمجده صفتان يدعى فيهما

بين الخليقة بالطريف الأتلد

وهباته كالغيث مندفق الحيا

في الروض أو كعباب بحر مزبد

ماض على نهج الهداية فكره

سرعان يقمع فكرة المتردد

فكفاه مجدا أن تمد بحيرة

شهب النجوم له نواظر حسد

فهو الغمام المكفهر ورفده

كالسيل يقذف جلمدا في جلمد

سيف بيمنى العدل مشحوذ الشبا

ملأ العدا رعبا بغرب مغمد

فرد به جمعت مضامين العلى

لا غرو أن جمعت بهذا المفرد

سجدت له الآمال تشكو بره

فكأنما هو قبلة للمسجد

الدهر وحد بالجلالة ذاته

فسما الثناء بوصف ذاك الأوحد

وأشم خاطب منه أرفع همة

لمعارج الفلك المحيط بي اصعدي

وبنى فأسس من غزارة علمه

أعلى بناء للرشاد مشيد

هو قدوة الدنيا ومالك رقمها

وبغيره قطانها لا تقتدي

فقراته بالعلم غال سومها

نثرت كنثر لآلئ وزبرجد

وجدت معادنها بغامر صدره

ومثالها للفضل توجد في اليد

فكأنما الآمال حول رزقها

بيدي أعز على النوال معود

ضربت فلم تر في البسيطة مثله

بسوابغ الإحسان أول منجد

ويميت كاشحه بغمر هباته

لكنه يحيي الدجى بتهجد

قفلت بنائله تنوء عفاته

تمشي عن الإطلاق مشي مقيد

حي العلاء به تجمع شمله

بفراق شمل من نداه مبدد

راسي الجوانب في مساند عزه

كفقار طود بالحلوم عطود

ضربت به الأمثال كل قبيلة

ومثاله ما بينها لم يوجد

والفضل مثل الشمس منه شعاعها

نصب النواظر بارز لم يجحد

ولربما جحد الأشعة طلعا

بضيائها إنسان طرف أرمد

بك أرض سامراء أشرق نورها

فمحت دجاها بالسنا المتوقد

وعلت بهيكلك الشريعة مسندا

والسمك يعلو بارتفاع الأعمد

ونزلت كالبيت العتيق مكانه

زينتها في نائل متجدد

لا زال من ريب الحوادث لائذا

متنعما بألذ عيش أرغد