الديوان » العراق » موسى النقدي » أتحب القمر

 
نبع صغير . زئبقي اللون من ضياء
انت . وكتر في زجاجة من الهناء
انت وانت تزرع الزنبق في الظلال
وتنثر الآل ...
عبر البحار ، والبساتين بلا انتهاء ،
وتغرق الصحراء بالضياء ،
فللقوافل التي تسير في الليال
بحيرة ، فضية تموج في البعيد
وانت يا حارس هذا الكوكب الوحيد
مجنج تحلم بالتائه والشريد .. !
***
وفي ليالي الصيف اذ تلبس الوهاد
ثوبا من الزمرد المنقوش ، والذهب
ويهمس النسيم للاوراق والقصب ،
انشودة الحصاد ...
ويعبر السنبل اذ يراقص الظلال
فيركض الاطفال ضاحكين في الحقول
ويخرج الفتيان والنساء ، والسلال ..
تحملها سواعد صغيرة هزال
فتنبس الرحى يسر الموت في السهول
ويخزن الحصيد ...
اصرخ في الاضواء كالوحش : انا الشريد
يا قمري الوحيد ...
***
حين يغور الدود في الورق ...
انام بئس نومة في الحقل . والرياح
تبدأ بالتنواح ...
كأنها جنية هائجة تجوع
فتعلك الاوراق ، وهي تنثر الدموع
فنستنير في الحقول وحشة الظلام ..
والموت في منتصف الليل فاستفيق
في غرفة تموج باللؤلؤ والعقيق ...
حتى اذا عانقني الضياء
ابكي هوى ، فتغرق النفس بلا انتهاء
 
من فرح في جنة تفجر الرحيق .
اية عين انت لا تغمض او تنام ؟
فيطمئن تائه اليك او شريد ..
يا قمري الوحيد ..؟
***
يضج بالشهيق
ويرسل الشتائم السوداء للعبيد
يا قمري الوحيد .
القمح في الحقول ، والاسماك في المياه
والطير في الجواء
بلا انتهاء تغمر الارض بلا انتهاء
بالخير والنعيم
ولم نزل نقيم في القاع من الجحيم
معذبين غير حفنة من الجراد
يستمتعون دوننا من ثمر الحصاد
ومن وراء حائط من لهب شفيف
ترى وتسمع المغنيات ، والغناء ...
والرقص والصنوج والخمور والضياء
في غرف عانقها الربيع . والخريف..
حين يجيء ، توصد الابواب في النهار
خوفا عابها ان يمس وجهها اصفرار
وهي التي توصف بالدماء !! ..
وكل ما في الارض من لذائذ هناك
تجمعت كأنها الاضواء في سماء ..
لكنها من امرق العبيد
يا قمري الوحيد .
***
اني احب فيك ذلك الدم المنيع
فواه في الاكواخ والكهوف
احب فيك لونك الفضي كالسعوف
يستر اجسام العرايا والآثردين
احب فيك دورة الرغيف ، والربيع
وطيره المبشر المغيب ...
بالشمس ، والجياع من ارض المعذبين
بالخبز ، والاطفال بالحليب
احب فيك الحب والانسان والسنين
هائمة بالعالم الوليد
يا قمري الوحيد
***
اني اراك في الخيال تملأ العيون
نورا ، وينزاح عن الاغنية الستار ...
اغنية الشمس التي انتهت بلا انتظار ،
كان آلافا من الاطفال ينشدون
في جوقة المطر . كان وردة النهار
تفتحت ، واوجه الصغار
مراوح تهش للدهور
كان آلافا من الاباء يبسمون
مستبشرين ، والاكف تنثر الزهور
في الطرقات الخضر ، والاطفال ينشدون
يا نزهة العيون ، يا حديقة الضياء
ومنبـع الندى ، وملاعب الندى المضاء
يا موجة من الافق تلون الفضاء
وياصدى لحن على كل فم جديد ..
يا قمري الوحيد ...

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن موسى النقدي

avatar

موسى النقدي

العراق

poet-Musa-Al-Naqdi@

10

قصيدة

0

متابعين

موسى النقدي (1934–1964) شاعر عراقي، ترك أثرًا مميزًا في المشهد الشعري الحديث، رغم قصر حياته ومسيرته الإبداعية المكثفة. نُشرت له أعمال في مجلات أدبية مرموقة، من أبرزها مجلة "الآداب" البيروتية عام ...

المزيد عن موسى النقدي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة